نبدأ بحفظ كتاب صغير اسمه «أسماء تركية» أوله: "تنري الله جل شأنه، بيغمبر النبي، أبدست الوضوء، نماز الصلاة ... " لا أزال أحفظه إلى الآن! وكانت كلمة «تنري» تُكتب «تكري»، كما تكتب كلمة بينباشي (أي رئيس الألف) بكباشي. ولعل المؤرخ المصري «ابن تَغْري بَرْدي» كان اسمه «تنري ويردي» أي عطاء الله. أقول هذا من عندي، ما عندي فيه نص.
* * *
وكان في دمشق مدرسة سلطانية واحدة هي «مكتب عنبر»، ثم فُتحت في أواخر حكم الأتراك مدرسة أخرى (وكنا نسمّي المدرسة «المكتب»، و «السلطاني» معناها الثانوي). وهذه المدرسة هي «المكتب السلطاني العربي»، وقد كانت في طريق «ستّي زيتونة». وممن أعرفه درس فيها أستاذنا الشيخ زين العابدين التونسي، والشيخ عصام الدين الحسني، وهو ابن الشيخ بدر الدين الحسني والأخ الأكبر للشيخ تاج الدين الذي صار رئيس الجمهورية السورية، ووالد الصديق الشيخ فخر الدين مدير دائرة الإفتاء في سوريا سابقاً.
أما هذه الزيتونة فقد كانت شجرة هرمة، أمامها قفص من حديد تربط النساء به الخِرَق وتحتها قبر، وعندها «شيخ» دجّال قد جعل مرتَزَقهُ سِدانة هذا الوثن. أما قصّتها فعجيبة حقاً؛ هي أن قاسم الأحمد (جد صديقنا وزميلنا نهاد القاسم، الأخ الوفي والوزير المستقيم رحمة الله على روحه) لمّا ثار على إبراهيم باشا أيام حكمه الشام قُبض عليه بعد معارك طويلة، فشنقه مع خمسة