للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت تجرِبة موفّقة، حفظت للمسلمين بعض حقوقهم فيها وصانتها بعض الصيانة من الضياع. ويَعُدّ المؤرّخون سنة ١٩٠٦ بداية اليقظة الحقيقية لمسلمي الهند بعدما ظلّوا مئة وخمسين سنة في حالة إغماء، أو شبه إغماء، من تلك الضربة التي انصبّت غدراً على رؤوسهم من الإنكليز.

في هذه السنة، ١٩٠٦، تأسّسَت الرابطة الإسلامية لعموم مسلمي الهند، وألّفَت وفداً من ستّة وثلاثين زعيماً من زعماء المسلمين في أقطار الهند كلها للمطالبة بحقوقهم، وأوّلها الاحتفاظ بتقسيم البنغال الذي كان الهندوس يعملون على إلغائه، ووصلوا إلى ما كانوا يسعون إليه سنة ١٩١١ فأُلغِي تقسيم البنغال.

والدنيا يا إخوان يومان: يوم لك ويوم عليك. وقد بدأ في تلك السنة (١٩١١) اليوم الذي كان علينا، وكان يوماً طويلاً وكان صعباً أليماً، مال فيه الميزان واشتدّ علينا الزمان، ففي الهند كانت هذه النكسة، وطرابلس (ليبيا) هجم عليهم الطليان بلا حُجّة ولا برهان، بل كما تهجم الذئاب الجائعة على القرية الآمنة في الليل البهيم. وكان الاتحاديون (وأكثرهم مفسدون ملحدون) قد عزلوا السلطان عبد الحميد بعدما شوّهوا سيرته، فكذبوا عليه ونسبوا كل منقصة إليه، واستولوا على الدولة العثمانية فأضاعوا -بجهلهم وقلة حنكتهم وفساد نيّاتهم- بلاد البلقان التي كان يحكمها السلاطين من آل عثمان.

وهُتك الستار الذي كانت تختبئ وراءه أوربّا، وظهر للعيان أن الحروب الصليبية لم تنتهِ حملاتها ولم تَزُلْ من نفوس القوم الدوافع إليها، فإذا هي تتّحد علينا جميعاً في حرب البلقان، حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>