للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن إنكلترا نسيَت ما صنعت في الهند بالأمس القريب وبكت في اليونان بدموع التماسيح (إن صحّ أن التماسيح تبكي بالدموع)! وتحمّس أبناؤها للدفاع عن الحُرّية وعن العدالة. وما يريدون حُرّية ولا عدالة، وإنما هي عداوتهم للإسلام الذي كان يتمثّل في أنظارهم بدولة آل عثمان. وتطوّعوا للحرب مع اليونان، حتى وصلَت الحماسة إلى الشاعر الفاسق الذي عشق أخته. هل سمعتم بإنسان يهبط في درك البهيمية حتى يعشق أخته؟ ذلكم هو اللورد بيرون!

وقلب الإنكليز في الهند للمسلمين ظهر المِجَنّ، فسُجن الزعيمان المسلمان شوكت علي ومحمد علي وصودرَت صحف المسلمين، عندئذ أعلنت الرابطة الإسلامية غضبها على بريطانيا. وكانت هدنة عُقدت بينها وبين حزب المؤتمَر لمّا أعلنت الحرب سنة ١٩١٤، فلما انقضَت الحرب وقام غاندي بحركة العصيان السلميّ ... وقد مرّ علينا دهر كنّا نظنّ فيه غاندي من أبعد الناس عن التعصّب ومن أقربهم للمسلمين، فلما ذهبت إلى الهند ورأيت الحقائق من قرب علمت أنه أعدى علينا مِمّن يُظهِر منهم العداوة لنا، ولكنه يطعن بخنجر حادّ يمسكه بيد ناعمة تلبس قفّازاً من حرير. وسيأتي خبر ذلك.

لمّا قامت حرب ١٩١٤، وهي أفظع حرب شهدها تاريخ الإنسان إلى ذلك الزمان، أدخل الاتحاديون دولتهم فيها وما للدولة مصلحة في دخولها، وزادهم الله عَمَى في البصيرة وقِصَراً وضعفاً في البصر فضلّوا الطريق، فكانوا مع الجانب الذي كان عليهم -لو عقلوا- أن يجانبوه، كانوا مع الألمان. فلما انهزموا

<<  <  ج: ص:  >  >>