الجامعة وكاره لأحمد خان، فسأله أن يشارك في هذا التبرع فوعده بأن يرسل إليه ما يقدر عليه. فلما عاد أحمد خان إلى بلده ومضت أيام جاءه في البريد صندوق صغير من هذا النَّوّاب، فحسب أن فيه هدية ثمينة أو مبلغاً من المال، فلما فتحه وجد فيه حذاء قديماً! أفتدرون ما الذي فعله أحمد خان؟ لم يُعلِن غضبه عليه ولم يردّ الحذاء إليه ولم يشهّر به بين الناس، ولكنه باع هذا الحذاء بقروش قليلة معدودة وبعث إليه سند إيصال بهذا المبلغ ومع الإيصال كلمة شكر. فاستحيا النَّوّاب وتبرع بخمسة وعشرين ألف ربّية للجامعة.
وكان أحمد خان يرى اتحاد المسلمين والهندوس في المطالبة بحقوق البلاد، وكان متحمّساً لذلك حتى أنشأ الهندوس «حزب المؤتمَر» سنة ١٨٨٥، أي قبل قرن كامل، واتضح له ممّا بدا من سياسة الحزب وأعماله أنّ مصالح الفريقَين مختلفة لا يمكن أن تأتلف. وكيف يجتمع اثنان أحدهما يذبح البقرة ليأكلها، والثاني يقدّسها ويتبرّك بها ويتضمّخ بروثها ويتطيب ببولها؟! ورأى أنه لا يمكن الاتحاد إلاّ بفناء القِلّة المسلمة في الكثرة الهندوسية، فنبذ فكرة الاتحاد.
وتوالت الأحداث واتّسعَت شقّة الخلاف بين المسلمين الذين تنبّهوا قليلاً وبين الهندوس، وعاد إليهم بعض الثقة بأنفسهم، وجاءت سنة ١٩٠٥ ميلادية وظهر الخلاف على أشدّه في البنغال التي يَعمُر شرقيّها (أي منطقة بنغلاديش اليوم) المسلمون ويسكن غربيّها الهندوس، واستجاب الإنكليز للواقع فقسموها إدارياً بين الطرفين.