للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانوا هم الحاكمين، وأخلوا المكان للهندوس الذين قرّبهم الإنكليز وأعطوهم الوظائف والولايات التي كانت للمسلمين وشجّعوهم على العلم والدرس والاطلاع على الثقافة الغربية. واستمرّ ذلك نحواً من أربعين سنة، كل سنة منها تزيد المسلمين ذبولاً وانطواء على أنفسهم وعزوفاً عن الحياة العامّة وبعداً عن غمار السياسة.

حتى قام أحمد خان ينبّه المسلمين ويذكّرهم بما كان لهم من سلطان. ولم يكن أحمد خان ماشياً على الطريق الإسلامي الصحيح، ولكن في نفسه غيرة وهِمّة، وكان يريد أن يعمل عملاً يرفع من شأن المسلمين، ولم يكن يريد طفرة ولا يدعو إلى ثورة، بل كان يدعو المسلمين أن يُقبِلوا -مثلما أقبل الهنادك- على الثقافة الغربية ويُتقِنوها ويدخلوا في غمار السياسة وفي وظائف الدولة.

وهو الذي وضع أساس جامعة عليكرة. ولست أريد أن أتقصّى حديث أحمد خان، فمَن شاء وجد خبره عند الأستاذ أحمد أمين في كتابه «زعماء الإصلاح»، ولا أن أُلِمّ بتاريخ المسلمين في الهند، فإنه تاريخ طويل لا يمكن أن تتّسع له هذه الذكريات وليس من صلب موضوعها، فمَن أراد أن يعرفه رجع إلى ما كُتب فيه، ومِن أقرب المراجع ما كتبه الأستاذ مسعود الندوي رحمة الله عليه، وما كتبه أخونا الحبيب الأستاذ أبو الحسن الندوي أحسن الله إليه وأطال عمره. ولكني أعرض عليكم حادثة تبيّن لكم الأخلاق العملية عند أحمد خان:

لمّا كان يطوف أرجاء الهند ليجمع المال لإنشاء الجامعة وفد على ولاية نَوّابها (أي واليها) مسلم، ولكنه معارض لمشروع

<<  <  ج: ص:  >  >>