للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنهم أُمّة الحضارة وأهل الديمقراطية وأصحاب الدستور!

دمّروا دهلي المسلمة وقتلوا أهلها قتلاً عاماً، حتى غدت خرائب وأطلالاً وقد كانت أعظم بلاد الهند. وتتبّعوا المسلمين إلى القرى والدساكر يقتلونهم، وكانت تكفي إشارة من هندوسي إلى المسلم حتى يُعلَّق بغصن شجرة مشنوقاً أو يُذبَح بسكّين كما تُذبَح النعاج، وكان شيء لا يوصف.

ثم قبضوا على الإمبراطور فحبسوه، وعلى أمرائه ووُلاته وعلّقوا لهم المشانق في الطرق والساحات. أمّا الإمبراطور فتُرك بلا طعام وهو صابر، حتى إذا عضّه الجوع طلب ما يأكل ... أمسكوا يا أيها القُرّاء بقلوبكم، فإن ما سأعرضه عليكم من تاريخ الإنكليز المتحضّرين وما صنعوا مع الإمبراطور المسلم يصدع قلوب البشر ولو كانت من جلمد الصخر: جاؤوه بصحن كبير مُغطّى، فلما كشفه وجد رؤوس أبنائه الثلاثة قد قُطعت وهي تقطر دماً! وجاؤوه بها فوراً عندما طلب الطعام لتُقدَّم إليه حارّة. هذا الذي صنع الإنكليز المتحضرون! ثمّ شكّلوا خمس محاكم لمحاكمة من بقي من زعماء المسلمين والقضاء عليهم، محاكم سبقت في وحشيتها محاكم التفتيش في إسبانيا.

وعاد المسلمون بعد ذلك كلّه إلى الثورات وإلى الجهاد، سنة ١٨٦٣ وسنة ١٨٦٨، ولكن الله لم يكتب لهم النصر. وتفانى الزعماء والقادة ومضوا شهداء واحداً بعد الواحد، وأصاب عامّة المسلمين من هذه الصدمات مثلُ اليأس، فاستسلموا للأقدار وانزووا وتواروا، وانطووا على أنفسهم وابتعدوا عن الحكم بعد أن

<<  <  ج: ص:  >  >>