للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصغيرة لا يمكن أن تتّحد عليها ولا تستطيع واحدة منها أن تصمد لها وحدها، عندئذ رفعَت النقاب وسفرت عن وجهها القبيح، وبدأت ببعض المقاطعات الهندية فحكمتها حكماً مباشراً ظاهراً مدّة ربع قرن.

وهنا استيقظ المسلمون وتنبّهوا إلى الخطر الداهم، إلى النار الآكلة التي شبّت في ديارهم، وهي تمشي إليهم تريد أن تأتي على بنيانهم من القواعد، فاجتمعوا وتداولوا ثم قرّروا الجهاد. وفي صباح يوم الأحد ١٠ آذار (مارس) سنة ١٨٥٧ بدأت الحرب قرب دهلي. الحرب التي يظلمها المؤرّخون الإنكليز ومَن ينقل عنهم بلا فهم من مؤلّفين فيسمّيها حركة عصيان، وما هي بالعصيان ولكنها الحرب الدفاعية المقدسة.

وكان يقودها ميرزا مغول ابن بهادر شاه، آخر إمبراطور مسلم في الهند، ولم يكن بقي له من الملك إلاّ اسمه! انضوى تحت رايته المسلمون جميعاً وقليل من الهنادك (الهندوس)، وأبدى المجاهدون من ألوان البطولات ما أدهش المؤرّخين. ولكنهم قوم يظلمون وتدفعهم مصلحة بلادهم إلى استحلال الكذب وتزوير التاريخ.

لم تنفع بطولات المجاهدين مع أسلحة الإنكليز الحديثة ومع دسائسهم المعروفة وتفريقهم بين المتّحدين، فقضوا على هذه النار بعد خمسة أشهر من اشتعالها. فلما هدأت وانطفأت أسرعوا بالانتقام، الانتقام الوحشي المروّع الذي لم يُسمَع بمثله عن جنكيز وهولاكو. هذا الانتقام قام به الإنكليز الذين يزعمون

<<  <  ج: ص:  >  >>