للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على مَن يحجّون حجّة الفرض ويزيدون الازدحام، ليعلموا أن لهم قدوة إن تركوا حجّة النفل واستبدلوا بها عملاً آخر من أعمال الخير. وأبواب النوافل التي توصل إلى الجنّة كثيرة.

كان من الصحابة ومن التابعين، وكان من الأئمة المتبوعين، مَن هو غنيّ يكاد يُحسَب في عُرف اليوم في أصحاب الملايين، ومن هو فقير لا يكاد يجد الفلوس (والملاليم). ولكن مال الأول في يده لا في قلبه، لا يفرح بما زاد فيه ولا يأسى على ما فاته منه، وكان فقر الثاني في يده لا في قلبه، فحاله حال فقير ونفسه نفس ملِك.

وليس الغِنى بكثرة المال، بل بفقده مع الحاجة إليه. فمَن كان معه مليونان وهو يتمنّى أن تكون ثلاثة فهو ناقصٌ مليوناً، ومن كان معه ألفان، وهو لا يطمح إلاّ إلى ألف فهو زائد ألفاً.

هل عقّدت المسألة؟ إذن أزيدها تعقيداً فأقول إن مقدار الغِنى يتناسب عكساً مع كِبَر الفرق بين ما يتمنّاه المرء وما يصل إليه! إن لم تفهموا هذه الفلسفة فالحقّ معكم، فأنا لا أكاد أفهم عمّن يتكلم بهذا الأسلوب ويحسب أنه صار بذلك من كبار المفكّرين!

* * *

كنّا نقرأ في التاريخ القديم أنباء بابل ونَيْنَوى وتاريخاً لهما مستفيضاً. ولقد زرت بابل من قبلُ لمّا كنت أدرّس في العراق، ولكن ما عرفت أين هي نينوى (مدينة يونس عليه السلام) حتى زرت الموصل، فعرّفني بها الصوّاف: قطع بي النهر فإذا آثارها على الضفّة الأخرى مقابل الموصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>