فلما أُقيمت هذه الحفلة رقص فيها هؤلاء البنات رقصة السماح، وهُنّ صفوة فتيات دمشق جمالاً ومالاً ودلالاً، وألبسوهن ألبسة حريرية ملوّنة فضفاضة كالتي كان يلبسها الجواري قديماً.
لم يكن في هذه الرقصة عورة مكشوفة، ولا كانت رقصة هزّ البطن الظاهر التي تعرفها بعض البلاد، ولا كان فيها عرض الأفخاذ بحركات متّزنة كالذي يدعونه رقص الباليه. ولكن فيها ما أظنّ أنه أضرّ على الشباب من ذلك كله؛ لأن فيها -على الرغم من الثياب الواسعة- من الإثارة ما كان يتعمّد مثلَه في العصر العباسي الإماءُ الفاتنات المستورَدات لإثارة ميول الرجال.
وكان من عادتي حين أصعد المنبر لأخطب خطبة الجمعة أن أُعِدّ الموضوع في ذهني، لا أكتبه لأنه ليس أقبح من خطيب يتلو خطبته من ورقة مكتوبة، يضع عينيه فيها، لا ينظر إلى الناس بل يكلّمهم مُعرِضاً عنهم. وأقبح منه مَن يفعل ذلك في الرائي (أي في التلفزيون).
وربما أعددت في ذهني موضوعَين أتردّد بينهما، أيهما أختار منهما. حتى إن المؤذّن بين يديّ يصل إلى «حيّ على الصلاة حيّ على الفلاح» وأنا لا أزال متردّداً في اختيار الموضوع، ولكن الموضوعَين في ذهني، فإذا بدأت بأحدهما فتح الله عليّ وانطلقت أتكلّم فيه.
ولم أكُن أنوي التعرّض للحفلة لأنني تكلّمت فيها وكتبت، وحسبت أني أعذرت بذلك إلى ربي. ولكني لمّا بلغت الدعاء في آخر الخطبة خطرَت على بالي الحفلة وما كان فيها، فخفت من