للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأن شيئاً لم يلج فكري، فإذا كان قبل موعد قيامي لصلاة الفجر استيقظت من نومي، فوجدت الفكرة قد ملأت نفسي وغلبَت على فكري وتملّكَت أعصابي، فأتحمّس لها وأُعِدّ في ذهني ما أكتبه أو أقوله عنها، ويطير النوم من عيني فألبث متيقّظاً أترقّب طلوع النهار.

وكنت يومئذ القاضي الممتاز في دمشق، ولعلّ ذلك بمثابة رئيس المحكمة الشرعية الكبرى في المملكة وفي مصر. وكنت أخطب مع ذلك في مسجد الجامعة، وهو مسجد صغير أقامه العثمانيون لمّا بنوا الثكنة الحميدية التي صارت فيها الجامعة، وهي الأخت الكبرى للثكنة في مكّة التي ترونها عند البيبان، هي مثلها في بنيانها ولكنها أوسع منها وأضخم.

فلما غلب الفرنسيون عليها جعلوا المسجد نادياً أو ملهى وصوّروا على جدرانه صوراً، فلما استرددنا الثكنة عمل طائفة من الشباب على رأسهم أخي الأصغر محمد سعيد، بذلوا الجهد ودأبوا وثابروا حتى استرجعوا المسجد.

وأُقيمت فيه الصلاة، وألقيتُ فيه أول خطبة جمعة وكان موضوعها «خطبة الجمعة»، ثم جعلوا فيه دروساً ليلية ألقيت أنا بحمد الله أول درس فيها، ثم نُشرت رسائل كتبت أنا أوّل رسالة منها، وكان الذي يرتّب الخطب والدروس ويطبع الرسائل أخي محمد سعيد.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>