واستمرّ التدريب ونحن لا ندري به. وما يُدرينا بالذي وراء جدران مدرسة أهلية للبنات، ونحن لا ندخلها وما لنا فيها قريبة ولا نسيبة تخبرنا بالذي فيها؟
حتى سمعت أنها ستقام حفلة كبيرة في دار أسعد باشا العظم، وهي أوسع الدور الدمشقية وقد صارت الآن متحف الفنون الشعبية. فكتبت أنقد إقامتها وأحذّر منها، وأنصح آباء البنات وأولياءهن أن يمسكوا بناتهم فلا يبعثوا بهنّ إليها. وكيف يرضى لبنته مسلمٌ عربي أبيّ أن ترقص أمام الرجال الأجانب، وتتخلّع وهي تغنّي أغاني كلها في الغرام والهيام؟
ولكن الحفلة أُقيمت، وحضرها رئيس الوزراء وأظنّ أنه كان خالد بك العظم، وحضرها العقيد أديب الشيشكلي، وقد كان بعد قتل حسني الزعيم هو الحاكم من وراء ستار، الجيش معه وحكم البلد في يده، وحضرها قوم مِمّن يُدعَون بوجوه الناس وكبارهم. وعرفنا خبرها من الجرائد ومن الإذاعة، ولم يكن قد جاءنا هذا الرائي أي التلفزيون.
* * *
وأنا من عادتي إذا سمعت بمنكَر أو رأيته أُدخِله ذهني كما تدخل المعلومات في المِحساب (١)، فأنام عنه كما أنام كل ليلة
(١) «المحساب» كلمة وضعتها للكمبيوتر، كما وضعت من قبل كلمة «الرائي» للتلفزيون وكلمة «الرادّ» للراديو، لأنه يردّ علينا الصوت الخارج من المذياع.