للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأستغفر الله من روايتها من غير تأكد منها. ولكن الذي حقّقته وتأكدت منه أن ولعه بالموسيقى وحبّه للفنّ أوصله إلى فكرة شيطانية ما أحسب أنها خطرت في بال إبليس نفسه، هي أن ينقل رقص السماح هذا من المشايخ والكهول ذوي اللِّحى إلى الغيد الأماليد والصبايا الجميلات من بنات دوحة الأدب، التي دعوتها من يومئذ «دوحة الغضب». ولعلّ هذه النقلة على ما فيها من الفسوق الظاهر، لعلّها أيسر من بعض ما في أناشيد المشايخ من شِرك يكاد يكون ظاهراً.

فجاء من حلب بأستاذ كان في حفظ الموشحات ومعرفة الغناء القديم مُفرَداً لا يجاريه في ذلك أحد ولا يدانيه، هو الشيخ عمر البطش. وكان بعمامة مطرزة يلبسها التجّار في الشام تفريقاً لها عن العمامة البيضاء التي يلبسها العلماء، وإن كان الشيخ بدر الدين الحسني المحدّث الأكبر والشيخ علي الدقر الواعظ الأشهر يتخذانها.

وفُصّلت للطالبات ثياب من الحرير بأزهى الألوان، فضفاضة كثياب القِيان والإماء في بغداد قديماً وفي مدن الأندلس. وحفّظهن هذه الموشحات، ولكنه نقلها ممّا كانت عليه حين كان يُنشِدها ويرقص عليها المشايخ من تضرّع ودعاء واستغاثة ونداء، إلى كلام كلّه عشق وغرام وشوق وهيام، وكثير منه صيغ ليكون من كلام البنت تخاطب الرجل. وشتّان بين غزل الشاعر ونسيب الشاعرة!

أشرح لكم الفرق: حين تقول "ضرب زيد عَمراً" يكون موقع الرجل كمحل زيد من الإعراب، ومحلّها هي في موضع عمرو.

<<  <  ج: ص:  >  >>