وفي قصّة الزَّوْراءِ للخَلْقِ اَيةٌ ... وذِكرى لعبدٍ كان للذكْرِ ناسيا
دعا بإناءٍ ليس يَنقَعُ ماؤه ... لقلَّتِه بالرّي من كان صاديا
ففاضَ نَمِيرُ الماءِ بينَ بَنانِهِ ... وكان وَضوءًا للكتيبةِ كافيا
ورِكوتُهُ يومَ الحُدَيْبِيَةِ التي ... أفاض بها اللهُ البنَانَ سواقيا
وإشباعُهُ الجَمَّ الغفيرَ بقبضةٍ ... من التّمرِ حتى شاهدوا التمرَ باقيا
وإخبارُه بالشيءِ من قبلِ كونِهِ ... فيأتي على النصِّ الذي قال حاكيا
فأخبَرَ ذا النّورَيْنِ أنْ ستصيبُهُ ... على الأمر بلْوى تُعقِبُ الأجرَ وافيا
فأخبَرَ عمارًا بأنّ حياتَهُ ... سيقطَعُها بالقتلِ من كان باغيا
وقال لذي السِّبطَيْنِ أشقَى الورى الذي ... يُخضِّبُها من هامةِ الرأس عاصيا
يُصادفُ نورَ الشَّيبِ أبيضَ ناصعًا ... فيسقيهِ صوْبَ الحَتْف أحمرَ قانيا
ونَصَّ على السِّبطِ الشهيدِ بِكَرْبَلا ... فقام له الدِّينُ الحنيفيُّ ناعيا
وفي الحَسَن الزاكي أبان بأنهُ ... سيُصلح بينَ الناس للأجرِ ناويا
وقال لقوم: إنّ آخرَكمْ بها ... مَماتًا سيَصْلَى جاحمَ الجمرِ حاميا
وقال: إذا ما مات كسرى فما تَرى ... سَمِيًّا له أخرى اللّيالي مُساميا
وأخبَرَ عن موتِ النَّجاشيِّ حينَهُ ... وبينَهما بحرٌ من الموج طاميا
وقال على قُرب الحِمام لبنتِهِ: ... تمَوتينَ بَعْدي فافرَحي بلقائيا
وآياتُهُ جَلَّت عن العدِّ كثرةً ... فما تبلُغُ الأقوالُ منها تناهيا
وأعظمُها الوَحْيُ الذي خَصَّه بهِ ... فبَلَّغَ عنه آمرًا فيه ناهيا
تحَدَّى به أهلَ البيانِ بأسرِهمْ ... فكلُّهمُ ألفاه بالعجزِ وانيا
وجاء به وحيًا صَريحًا يزيدُهُ ... مرورُ اللّيالي جِدّةً وتعاليا