مثل: أُسامة وأَسْباط وإسحاق وأسد (مُراعيًا الحرفَ الثالث أيضًا) حتى انتهى من حرفِ الهمزة، فانتقل إلى ما أوَّله باء ثم تاء وهلمَّ جرًّا. فإذا اتفق اثنانِ في اسمَيْهما واسمِ الأب فالكُنية هي التي ترجِّح تقديمَ أحدِهما على الآخر؛ قال:"وقدَّمتُ في كلِّ ترجمة الأطولَ فالأطول نَسَبًا منتهيًا إلى أقصرهم، بل حتى يكونَ آخرَ المذكورين فيها مَن لم يُذكر إلا باسمه، ومتى توافق اسمانِ فصاعدًا في نَسَب أو غيره التمستُ لتقديم أحدِ المذكورَين أو المذكورِين وجهًا يقتضي تقديمَه على غيره إمّا من نَسَبٍ إلى القبيلة أو البلد أو لَقَب يُعرف به أو لغير ذلك، وإن كان بعضُهم منسوبًا إلى القبيلة قدَّمتُه على المنسوب إلى البلد، وقدَّمتُ المنسوبَ إلى البلد على المنسوب إلى حِرْفة ... وأُقدِّم المكنيَّ على غير المَكْني".
ويصرِّح ابنُ عبد الملك بأنه إنما اختار هذا المنهجَ في التأليف لِما وجده أمامَه من عيوب في طُرق مؤلِّفِي كُتب الطبقات والتراجم مِن قَبْله؛ فقد دَرَجَ ابنُ الفرضي وابن بَشْكُوال وابن الأبّار وابن الزُّبير قَبْله على تقديم الأسبقِ في الوجود فالأسبقِ مُعتمدِين على سنوات الوفاة، (أمّا أبو العبّاس بن فَرْتُون فلم يَعتمد في كتابه تطبيقًا، وأتى بالأسماء كيفما اتفقَ له)، وهذا أوقعهم في اضطراب كثير؛ لأنَّ سنة الوفاة كثيرًا ما تكونُ مجهولة:"ولذلك نجدُهم يَذكرون الرَّجل بين الرجلَيْن وهو أقدمُ موتًا من المذكور مُجاوِرًا له أو متقدِّمًا عليه برَجُل أو رجلَيْن فصاعدًا، أو تتأخَّر وفاته عنه على تلك النِّسبة"، هذا ابنُ بَشْكُوال وضع ترجمةَ محمدِ بن سَعْدون بن مرجى بين محمد بن الفَرَج بن إبراهيم (ت ٤٩٤ هـ) ومحمدِ بن فرج مولى ابن الطلّاع (ت ٤٧٧ هـ)، مع أنّ ابنَ عبد الملك وجد بعدَ البحثِ أنّ محمدَ بن سَعْدُون توفي سنة ٥٢٤ هـ، وكان ابنُ بَشْكُوال يجهلُ ذلك. ويُخطئ ابنُ الأبّار مِثْلَ هذا الخطإ حين يَعتبر زمنَ رواية الراوي عن شيوخه مع وفاةِ مَن قبله ومن بعده، فيوسِّطه بينهما؛ فمن روى سنة ٥٢٠ وقع بين مَن توفي سنة ٥١٩ ومَن توفي سنة ٥٢١، ولعلَّ الراويَ سنة عشرين كان طِفلًا صغيرًا