[الآمدي والمتشابه]
أما الآمدي: فالمتشابه عنده أعم من المجمّل؛ إذ إن المجمَل نوع من أنواعه.
يدل على ذلك ما ذكره من أن المتشابه ما تعارض فيه الاحتمال وذلك:
١ - إما بجهة التساوي؛ كالألفاظ المجملة وذلك كما في قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨] لاحتمال القرء زمن الحيض والظهر على السوية، وقوله سبحانه: ﴿أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ [البقرة: ٢٣٧] لتردد ﴿الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ بين الزوج والولي، وقوله جلّ وعلا: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [المائدة: ٦] لتردد معنى الملامسة بين اللمس باليد، والوطء.
ب - أو لا على جهة التساوي؛ كالأسماء المجازية، وما ظاهره موهم للتشبيه، وهو مفتقر إلى تأويل: كقوله تعالى: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾ [الرحمن: ٢٧]. ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾ [الحجر: ٢٩] ﴿مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا﴾ [يس: ٧١] ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ [البقرة: ١٥] ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٥٤]. ﴿وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ [الزمر: ٦٧] ونحوه من الكنايات والاستعارات المؤولة بتأويلات مناسبة لأفهام العرب.
وقد ذكّرنا الآمدي بأبي إسحاق الشيرازي، وغيره من سابقيه حين كشف عن منزع التشابه في نظره، فقرر أن المتشابه سمي متشابهًا لاشتباه معناه على السامع.
[بين الآمدي وسابقيه]
وهكذا يتبين لنا أن الآمدي - وإن لم يصرح بأن المجمَل والمتشابه شيء واحد - فقد جعل المجمَل نوعًا من المتشابه؛ فكل مجمل متشابه ولا عكس.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute