للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكبائر دون الصغائر، هو قول أكثر علماء الإسلام وجميع الطوائف، حتى إنه قول أكثر أهل الكلام، كما ذكر أبو الحسن الآمدي (١) أن هذا قول أكثر الأشعرية، وهو أيضًا قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء، بل هو لم ينقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول" (٢).

وبناء على ما سبق فما قرره ابن حجر في مسألة عصمة الأنبياء فيما يتعلق بتعريفها، وزمنها، ومتعلقها، منه ما هو حق، ومنه ما هو باطل.

فأما تعريفه لها: فيؤخذ عليه أنه بناه على مذهب الأشعرية في العصمة والذي ينحو منحى الجبر، ولهذا وافق الجبرية في تعريفهم، وجعل العصمة فعل الله عز وجل لا فعل النبي، وسيأتي الرد عليه مفصلًا عند عرض رأيه في أفعال العباد وتقويمه (٣).

وأما كلامه عن زمنها، وقوله بأنها قبل النبوة وبعدها: فهو موافق لأحد قولي أهل السنة والجماعة، وهو القول الذي عليه أكثرهم.

وأما كلامه عن متعلقها، وقوله بأنهم معصومون من كبائر الذنوب وصغائرها، عمدها وسهوها:

فهو مخالف لمذهب أهل السنة والجماعة، بل ومذاهب الطوائف المشهورة، وغايته أنه قول مهجور لبعض الرافضة (٤)، والمتكلمين من المعتزلة والأشاعرة (٥).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إنما نقل ذلك القول في العصر المتقدم عن الرافضة، ثم عن بعض المعتزلة، ثم وافقهم عليه طائفة من المتأخرين.


(١) انظر: كلامه في كتابه الإحكام في أصول الأحكام (١/ ١٧٠).
(٢) مجموع الفتاوى (٤/ ٣١٩)، وانظر: منهاج السنة (٦/ ٤٧٢)، الجواب الصحيح (٦/ ٢٩٨).
(٣) انظر: (ص ٥٨٨).
(٤) انظر: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (٧/ ٨، ٢١)، الرسائل العشر للطوسي (ص ٩٧ - ١٠٦)، تنزيه الأنبياء للمرتضى (ص ١٥ - ١٦).
(٥) انظر: جمع الجوامع مع شرحه للمحلي (٣/ ٢٢٤).

<<  <   >  >>