للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القائلين بأن الله خالق فعل العبد، والعبد لا مشيئة له ولا اختيار، وأن العصمة إنما هي فعل الله عز وجل لا فعل النبي، ومن ثم عرفوا العصمة بأنها محض فضل الله تعالى، بحيث لا اختيار للعبد فيه، وذلك إما بخلقهم على طبع يخالف غيرهم بحيث لا يميلون إلى المعصية، ولا ينفرون عن الطاعة كطبع الملائكة، وإما بصرف همتهم عن السيئات، وجذبهم إلى الطاعات جبرًا من الله تعالى بعد أن أودع في طبائعهم ما في طبائع البشر ونحو ذلك (١).

ففارقوا بذلك القدرية والجبرية ومن قال بقولهما.

وأما تحقيق زمن العصمة ومتعلقها عندهم:

فقد اختلفوا في زمن العصمة هل هي قبل النبوة وبعدها، أم مختصة بما بعد النبوة؟ والأكثر على الأول (٢).

وأما متعلق العصمة: فقد أجمعوا على عصمتهم في التبليغ ودعوى الرسالة (٣)، وعصمتهم من كبائر الذنوب (٤) وصغائر الخسة التي تزري بصاحبها كسرقة الحبة والحبتين، والتطفيف في الكيل ونحو ذلك (٥).

واختلفوا فيما عداها من الصغائر والخطأ والنسيان والسهو، وجمهورهم على جوازها عليهم، مع كونهم لا يقرون على فعلها، ولا يصرون على عملها، بل لا بد أن يتنبهوا لها، ويتوبوا منها.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "القول بأن الأنبياء معصومون عن


= أصناف متعددة، يدخل فيهم الجهمية، والضرارية، والكلابية الأشعرية ومن وافقهم. انظر: الملل والنحل للشهرستاني (١/ ٨٥)، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (ص ١٠٣)، البرهان (ص ٤٢).
(١) شرح كتاب الفقه الأكبر للقاري (ص ٩٣ - ٩٤).
(٢) انظر: تفسير البغوي (٤/ ١٣٢)، الشفا (٢/ ٧٩٣)، تفسير آيات أشكلت لابن تيمية (١/ ١٨١ - ١٨٦، ٢٣٠).
(٣) انظر: الشفا (٢/ ٧٤٦)، مجموع الفتاوى (١٠/ ٢٨٩، ٢٩٠)، منهاج السنة (٢/ ٣١١).
(٤) انظر: مختصر ابن الحاجب مع شرحه (١/ ٤٧٧)، الشفا (٢/ ٧٨٤)، إرشاد الفحول للشوكاني (ص ٦٧٣).
(٥) انظر: لوامع الأنوار البهية (٢/ ٣٠٣).

<<  <   >  >>