فَلَقَاتَلُوكُمْ} [النساء: ٩٠]، وقال: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: ١٣٧].
الرابع: الإيمان بأنّ جميع الكائنات مخلوقة لله تعالى بذواتها، وصفاتها، وحركاتها.
قال الله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (٦٢)} [الزّمر: ٦٢]، وقال: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: ٢]، وقال عن نبي الله إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام أنّه قال لقومه: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦)} [الصافات: ٩٦] " (١).
وبما سبق تقريره يُعلم أنّ ما ذكره ابن حجر في بيان معنى الإيمان بالقضاء والقدر لا يخرج عمّا قرّره أهل السّنّة والجماعة.
ثانيًا: بيانه لبعض الأمور التي لا تنافي الإيمان بالقضاء والقدر:
ذكر ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ بعض الأمور التي لا تنافي الإيمان بالقضاء والقدر، وبيّن وجه عدم منافاتها، وأجاب عن الإشكالات الواردة عليها، وفيما يلي سياق أقواله:
[١ - القضاء بالمعاصي]
والكلام فيه من جهتين:
الأولى: من حيث الرّضا به:
يقول ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ: "القضاء إيجاد جميع المخلوقات في اللوح، والتّقدير إيجادها في العيان ...
وقد يطلق على المقضي نفسه كما في حديث البخاري: "اللهم إني أعوذ بك من درك الشّقاء وسوء القضاء" (٢) أي: المقضي، وهو بهذا المعنى
(١) فتاوى ابن عثيمين (٥/ ١٣٧)، وانظر: مجموع الفتاوى (٣/ ١٤٨ - ١٤٩)، شفاء العليل (١/ ١٣٣ - ٢٢٧)، جامع العلوم والحكم (١/ ١٠٣)، معارج القبول (٣/ ٩٢٠ - ٩٤٠).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الدعوات، باب التعوذ من جهد البلاء (٤/ ١٩٩٦) برقم (٦٣٤٧)، ومسلم، كتاب الدعوات، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره (٤/ ٢٠٨٠) برقم (٢٧٠٧) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- به.