للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعامة ما ينقل عن جمهور العلماء أنهم غير معصومين عن الإقرار عن الصغائر، ولا يقرون عليها، ولا يقولون إنها لا تقع بحال، وأول من نقل عنهم من طوائف الأمة القول بالعصمة مطلقًا وأعظمهم قولًا لذلك الرافضة؛ فإنهم يقولون بالعصمة حتى ما يقع على سبيل النسيان والسهو والتأويل" (١).

ولا شك أن دلائل القرآن والسنة متظاهرة على نقض هذا القول، وبيان بطلانه، وصرف ابن حجر لها ومن قال بقوله بوجوه التأويل، والتهويش عليها بالطعن في صحتها لا يغني شيئًا.

وقد انتقد الإمام ابن قتيبة رحمه الله هذا القول، ورد على أصحابه فقال: "يستوحش كثير من الناس من أن يلحقوا بالأنبياء ذنوبًا، ويحملهم التنزيه لهم -صلوات الله عليهم- على مخالفة كتاب الله جل ذكره، واستكراه التأويل، وعلى أن يلتمسوا لألفاظه المخارج البعيدة بالحيل الضعيفة" (٢).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في معرض رده عليهم: "نصوص الكتاب والسنة في هذا الباب كثيرة متظاهرة، والآثار في ذلك عن الصحابة والتابعين وعلماء المسلمين كثيرة.

لكن المنازعين يتأولون هذه النصوص من جنس تأويلات الجهمية والباطنية (٣) كما فعل من صنف في هذا الباب، وتأويلاتهم تبين لمن تدبرها أنها فاسدة من باب تحريف الكلم عن مواضعه ... " (٤).

* * *


(١) مجموع الفتاوى (٤/ ٣٢٠).
(٢) تأويل مشكل القرآن (ص ٤٠٢).
(٣) الباطنية اسم عام يجمع كل من يدعي أن للنصوص ظاهرًا وباطنًا، وهذا الاسم يدخل تحته طوائف كثيرة كغلاة الصوفية، وغلاة الرافضة، وغلاة الفلاسفة.
انظر: التبصير في الدين للإسفراييني (ص ١١٨)، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (ص ١١٩)، عقائد الثلاث والسبعين فرقة لليمني (١/ ٤٧٧).
(٤) مجموع الفتاوى (١٠/ ٣١٣ - ٣١٤).

<<  <   >  >>