للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعذبه الأعداء بأنواع العذاب؛ لأجل سبة يسبها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيختار العذاب، كما وقع لبلال وغيره. (١)

فـ "هم الملازمون للنبي - صلى الله عليه وسلم - في أشغاله، وحروبه، وهجرته، وصلاته للقبلتين، وقد عاشروه الزمن الطويل، ومازوا بخطاب القرآن لهم مشافهة، وحلول جبريل - عليه السلام - بينهم في غالب الأوقات" (٢)

وعند تفسير قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠] يبين أن الصحابة الكرام هم أصحاب السبق في ميدان الخيرية والتفضيل؛ لاكتمال صفات المدح فيهم، يقول: "هذا مدح عظيم وتفضيل من الله لهذه الأمة المحمدية وفيه إعلام بتثبيتهم على تلك الأوصاف العظيمة، واعلم أن المخاطب مشافهة الصحابة، وثبتت لهم هذه الأوصاف المرضية فمدحهم الله على ذلك، ومن تمسك بأوصافهم وأخلاقهم كان ممدوحًا مثلهم، وهذا المدح يدل على أن أوصافهم مرضية لله، فشرفهم الله بشرف نبيهم، قال صاحب البردة:

لما دعا الله داعينا لطاعته ... بأشرف الرسل كنا أكرم الأمم (٣)

- وقد استحقوا لعظيم ما تخلقوا به من مقتضيات الإيمان الأجر العظيم، قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: ٧٤]، يقول عند تفسيرها: "يؤخذ من هذه الآية أن جميع المهاجرين والأنصار مبشرون بالجنة من غير سابقة عذاب، وأما ما ورد من أن المبشرين بالجنة عشرة فلأنهم جمعوا في حديث واحد". (٤)

- ويفصل القول في مزايا المهاجرين والأنصار منهم على جهة الخصوص،


(١) حاشية الصلوات: ٨٦.
(٢) حاشية الجوهرة: ٧.
(٣) حاشية الجلالين: (١/ ١٦٢).
(٤) حاشية الجلالين: (٢/ ١٢٧).

<<  <   >  >>