للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولًا: إبطال حجتهم المعتمدة في نفى الحكمة، وهى أن كل من فعل لغرض فهو ناقص بذاته، ومستكمل بغيره.

أما الشق الأول من هذه الشبهة وهو قولهم: "ناقص بذاته"؛ فعند البحث عن الفروض المحتمل إرادتها بهذا النقص المشار إليه يمكن إرجاعها إلى أحد المعانى التالية:

- الأول: أن النقص هنا؛ هو انعدام الكمال الغير واجب حصوله قبل حدوث المطلوب.

- والثانى: أن النقص هنا؛ يعني انعدام ما ليس كمالًا قبل وجوده.

والذي يتحصل عند سبر هذه الفروض؛ أنها ساقطة، وغير كافية في إثبات النقص الذاتى بحال:

فالفرض الأول؛ دعوى باطلة، فإنه قد ثبت أن ما كان في حيز العدم مع كون حصوله ليس بكمال في ذلك الوقت، فإنه يمتنع وصفه بالكمال قبل حصوله في الوقت المراد.

أما الفرض الثاني؛ فظاهر السقوط، فما ليس بكمال قبل وجوده لا يعد انعدامه نقصًا، والمعنى الأول يرجع إلى الثاني.

وعليه "فما كان قبل وجوده عدمُه أولى من وجوده، وبعد وجوده وجوده أولى من عدمه، لم يكن عدمه قبل وجوده نقصًا، ولا وجوده بعد عدمه نقصًا، بل الكمال عدمه قبل وقت وجوده، ووجوده وقت وجوده.

وإذا كان كذلك فالحكم المطلوبة والغايات من هذا النوع وجودها وقت وجودها هو الكمال، وعدمها حينئذ نقص، وعدمها وقت عدمها كمال، ووجودها حينئذ نقص.

وعلى هذا فالنافى؛ هو الذي نسب النقص إلى الله - تعالى - لا المثبت".

أما الشطر الثاني من الشبهة؛ والتى تلى ما تقدم في الحكم، وهو قولهم: "بأن من فعل لأجل غاية فقد استكمل بغيره"؛ فإن إبطال هذه الشبهة يكون؛ ببيان المراد بذلك الغير الذي حصل به الكمال، فيقال: إما أن يكون المراد بالغير شيئًا خارجًا عنه قد استفاد منه تلك الحكمة.

<<  <   >  >>