للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه الرؤيا ذهب إلى المكان الذي ذكره ثابت، فوجد الأمر كما قال (١).

فهنا وجدت قرينة حسية تدل على صدق الرؤيا.

من فوائد قوله تعالى: {كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}.

١ - أن كل محسن فإن الله تعالى يجعل له من كل هم فرجًا، ويكتب له أجر العبادة وإن لم يفعلها إذا سعى في أسبابها، وهذا له أمثلة كثيرة، نذكر منها ما جرى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج قارنًا بلا شك وساق الهدي، ومع ذلك قال: "لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لجعلتها عمرة" (٢). فهنا تمنى - صلى الله عليه وسلم - أن يكون قد تمتع ولكنه قرن، فيكتب له أجر التمتع، الذي قال عنه: "لو استدبرت من أمري ما استقبلت لجعلتها عمرة".

فالإنسان الحريص على الخير قد يكتب الله له من الأجور ما هم أن يفعله وإن لم يفعله، وأن الله يفرج له كل كرب، وشاهد هذا قوله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: ٢ - ٣] ولكن لابد في هذه الحال من قيد، وهو أن ينتظر الإنسان فرج الله -عَزَّ وَجَلَّ- فلا يبعد بنفسه عن الله وييأس بل ينتظر الفرج، فإذا انتظر الفرج مع تقواه وإحسانه


(١) ذكره الحاكم في المستدرك (ج ٣/ ص ٢٦١) (٥٠٣٥) وقال: صحيح على شرط مسلم، ورواه الطبراني في المعجم الكبير (ج ٢/ ص ٦٥) ح (١٣٠٧).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الشركة، باب الاشتراك في الهدي والبدن (٢٥٠٤، ٢٥٠٦). ومسلم في كتاب الحج، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - (رقم ١٢١٨) (١٤٧). واللفظ له.

<<  <   >  >>