للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسلام من ذبح ولده، ونحن نعلم أن الله لو قدر على ولدك أن يموت لكان هذا مصيبة عظيمة، لكن إذا أمرك الله سبحانه وتعالى أن تذبحه أنت بنفسك صار هذا أعظم وأشد، وصار الصبر على هذا الأمر أشد وأفضل من الصبر على موته بقدر من الله عزَّ وجلَّ.

٢ - ومن فوائدها: أن هذا الوقت الذي أمر إبراهيم فيه بذبح ابنه فيه كان وقتًا يكون فيه تنفيذ الأمر شديدًا لأنه بلغ معه السعي، فتنفيذ الأمر في هذا الحال يدل على كمال عبودية المأمور حيث نفذها في أشد ما يكون تعلقًا بابنه.

٣ - ومن فوائدها: أنه ينبغي لمن أراد أن ينفذ شيئًا مكروهًا لشخص أن يأتي بأسلوب يدل على أنه لا يريد الإضرار به، وإنما هو أمر لابد منه لقوله: {يا بني} فإن إتيانه على صيغة التلطف من أجل أن يبعد عنه تهمة أنه لا يحبه.

٤ - ومن فوائدها: أنه يجوز امتحان الشخص بما لا يؤخذ رأيه فيه، ولكن للاستعلام لقوله: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} فإن إبراهيم عليه الصلاة والسلام لا يريد أن ينظر إلى ابنه إن قال: لا تذبحني، ترك الذبح، بل يريد أن يعرف مدى قبوله واستعداده، فيكون في هذا تورية، والتورية لا شك أنها جائزة للاستعلام والاستخبار، ولاسيما عند الحكم في القضاء، وفي قصة سليمان -عليه الصلاة والسلام- في المرأتين اللتين تخاصمتا في ولد بينهما، حيث تخاصمتا عند داود -عليه الصلاة والسلام-، فحكم به للكبرى، ثم تخاصمتا عند سليمان -عليه الصلاة والسلام- فدعا بالسكين ليشقه نصفين بينهما،

<<  <   >  >>