تابعه وقت مجيئه] يحتمل ما قال المؤلف، وأن في {إِذْ} متعلقة بقول {شِيعَتِهِ} أي: وممن شايعه حين جاء ربه بقلب سليم إبراهيم.
ويحتمل أن {إِذْ} استئنافية، وأن تقدير الكلام: اذكر إذ جاء ربه بقلب سليم، وهذا هو الأصح، فالصحيح أنها ليست متعلقة بذلك، وأنَّه من شيعته وقت المجيء، بل هو من شيعته وقت المجيء وغيره، لكن أراد الله تعالى أن ينوه بهذا الوصف العظيم لإبراهيم -عليه الصَّلاة والسلام- {إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٤)} ومتى مجيئه لربه هل المراد جاء ربه حين لاقاه بعد الموت، أو جاء ربه حين آذاه قومه وهددوه بالإحراق، أم نطلق كما أطلق الله؟
الأولى أن نطلق كما أطلق الله ونقول: جاء ربه في الوقت الذي يعلم الله مجيئه فيه بقلب سليم. قال المؤلف:[سليم من الشَّك وغيره] والصحيح أن السلامة أعم مما قال المؤلف، فهو سليم من الشبهات، ليس فيه شك بأي وجه من الوجوه، بل هو على علم ويقين بما آمن به. وسليم من الشهوات ليس في قلبه هوى يخالف ما جاء به الوحي، وهذه هي سلامة القلب أن يكون سالمًا من الشبهات التي تعرض له، والشكوك فيكون مؤمنًا حقًا، ويكون سالمًا من الشهوات، والشهوات هي: الإرادات المخالفة لما جاء به الوحي، وليس كل قلب يهوى ما جاء به الوحي. فالقلوب جوَّالة يمينًا وشمالًا، أحيانًا قلب الإنسان نفسه يتجول، في بعض الأحيان يكون مقبلًا غاية الإقبال على الوحي محبًّا له