والفقهاء، والمتفلسفين. والنحاة، والكتاب، والمتأدبين التأمل له، والبحث عن مستودعه، فقد وجب أن يخاطب كل إنسان منهم بما يعتاده، ويأنس به، ليكون له سهم منه، وحصة فيه" (١).
فهو إذن كتاب يخاطب كل إنسان بما اعتاده، وألفه من حجج كلامية، أو فقهية، أو فلسفية، أو نحوية، أو بلاغية.
ومما أورده من الحجج البلاغية: قوله: "من ذلك (أو)، إنما أصل وضعها: أن تكون لأحد الشيئين، أين كانت، وكيف تصرفت، فهي عندنا على ذلك، وإن كان بعضهم، قد خفى عليه هذا من حالها، في بعض الأحوال، حتى دعاه إلى نقلها عن أصل بابها، وذلك أن الفراء، قال: إنها تأتي بمعنى (بل) وأنشد بيت ذي الرمة:
بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى ... وصورتها، أو أنت في العين أملح
وقال: معناه: بل أنت في العين أملح، وإذا أرينا أنها في موضعها، وعلى بابها؛ بل إذا كانت هنا على بابها كانت أحسن معنى وأعلى مذهباً، فقد وفينا ما علينا، وذلك أنها على بابها من الشك - لأنه إذا قطع بيقين: أنها في العين أملح كان في ذلك سرف منه، ودعاء إلى التهمة في الإفراط. وإذا أخرج الكلام مخرج الشك، كان في صورة المقتصد غير المتحامل، ولا المتعجرف، فكان أعذب الفظة، وأقرب إلى تقبل قوله، ألا تراه نفسه قال:
أبا ظبية الوعساء بين جلال ... وبين النقا؛ آأنت أم أم سالم؟ !