أولاً: أن ابن جنى قد جعل المعاني الثلاثة؛ وهي: الاتساع، والتشبيه، والتوكيد سبباً لوجود المجاز، بينما وجود واحد منها سبباً لوجوده، فإذا وجد التشبيه وحده كان مجازاً، وإذا وجد الاتساع وحده كان مجازاً! .
ثانياً: أنه ذر التوكيد، والتشبيه، (وكلاهما شيء واحد) على الوجه الذي ذكره، لأنه لما شبهت الرحمة - وهي معنى لا يدرك بالبصر - بمكان يدخل، وهي صورة تدرك بالبصر، دخل تحته التوكيد الذي هو إخبار عما لا يدرك بالحاسة بما قد يدرك بالحاسة.
ثالثاً: أنه قال: "أما الاتساع "فهو: أنه زاد في أسماء الجهات والمحال كذا وكذا" وهذا القول مضطرب شديد الإضطراب، لأنه ينبغي على قياسه أن يكون (جناح الذل) في قوله تعالى: "واخفض لهما جناح الذل" (١) زيادة في أسماء الطيور، وذلك أنه زاد في أسماء الطيور اسماً هو: الذل، وهكذا يجري في الشعر!
كقول أبي تمام:
لبست سواه أقواماً، فكانوا ... كما أغنى التيمم بالصعيد
فزاد في أسماء اللباس اسماً هو الآدمي، وهذا مما يضحك منه!