الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وأصحابه التابعين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فإن كتاب "الخصائص"، أو خصائص العربية، لأبي الفتح عثمان بن جنبي المتوفى سنة ٣٩٢ هـ، من المصادر الهامة للغة العربية؛ فكما أنه محل اهتمام النحويين، واللغويين، فإنه يجب أن يكون موضع اهتمام البلاغيين والمتأدبين.
فليس ما تضمنه هذا الكتاب القيم خاصاً بعلم النحو، أو علم التصريف، أو علم أصول اللغة وفقهها؛ بل إنه ليتجاوز هذا الحد. إلى أن يكون معيناً، لا ينضب من خصائص النظم. أو القيم البلاغية التي أفصح عنها ابن جني، والتي يمكن أن يفصح عنها أولو الألباب من البلاغيين؛ من خلال مناقشاته المفيدة، لأساليب الفصحى؛ من أسعار القدماء، والمحدثين، ومن أقوالهم المأثورة، لاستنباط العلل النحوية، أو التصريفية: أو لإقامة الدليل على صحة القضايا، اللغوية، أو النحوية، أو النقدية، أو التعبيرية.
وليس هذا تقديرنا نحن فحسب، بل إن ابن جني نفسه ليفصح عن هذا المعنى الذي نقدره، إذ يقول: "فإن هذا الكتاب ليس مبنياً على حديث وجوه الإعراب؛ وإنما هو مقام القول على أوائل أصول هذا الكلام، وكيف بدئ، وإلام نجى؛ وهو كتاب يتساهم فيه ذوو النظر من المتكلمين،