نختم تاريخ حضارة العرب بتلخيصنا أسبابَ عظمتهم وانحطاطهم في نظرة شاملة، فنقول: إن الزمن الذي ظهر فيه العرب من العوامل التمهيدية في قوتهم، وإن لعامل الزمن التمهيدي أهميةً كبيرة في حياة الأفراد والأمم، وإن هناك صفاتٍ لا تبرُز إلا في وقتٍ معين، فلو ظهر نابليون في زمن لويس الرابع عشر ما استطاع أن يصير سيد أوربة، ولو ظهر مُحَمَّد أيام سلطان الرومان ما قَدَرَ العرب على الخروج من جزيرتهم لا رَيب، ولظل التاريخ جاهلاً لهم.
ولد محمد في أحسن الأوقات، وقد رأينا أن العالم المسن كان متصدعاً فيه من كل جانب، ولم يتوجب على أتباع محمد إلا أن يهزوه ليتساقط.
بيد أن القضاء على دولةٍ لا يكفي لإقامة حضارة، ويدل عجز البرابرة الذين ورثوا حضارة الرومان في الغرب، كما ورثها العرب في الشرق، على ما في إقامة الحضارات من المصاعب، وإذا كان ذلك العامل التمهيدي مساعدًا على إنشاء دولة جديدة وحضارةٍ جديدة فلا بد من عواملَ أساسيةٍ أخرى لإقامتهما مما نُعَيِّنه الآن.
وتأثير العرق من أهم تلك العوامل التي نذكرها:
رأينا أن من أهم خصائص العرق أن يتَّصف أفراده - على الخصوص - بمشاعر وقابلياتٍ متماثلة، وأن يوجِّهوا جهودهم نحو غَرَض واحد، وهذه المشاعر المتماثلة التي