للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ذلك، فإن ذلك التخصيص والعمل به إذا لم يكن بحكم الوفاق، أو بقصد يَقصِد مئله أهل العقل والفراغ والنشاط، كان تشريعًا زائدًا، وهذا كله إن فرضنا أصل العبادة مشروعًا، فإن كان أصلها غير مشروع فهي بدعة حقيّقية مركبة. انتهى كلام الشاطبيّ رحمه الله) (١)، وهو بحث نفيسٌ، وتحقيق أنيسٌ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السابعة): في ذكر بعض ما جاء عن السلف في ذمّ البدعة:

ذكر الإمام الطبري رحمه الله في كتاب "آداب النفوس": حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أبان، أن رجلًا قال لابن مسعود: ما الصراط المستقيم؛ قال: تَرَكَنا محمد -صلى الله عليه وسلم- في أدناه، وطرفه في الجنة، وعن يمينه جوادّ، وعن يساره جوادّ، وثَمّ رجال يدعون من مَرَّ بهم، فمن أخذ في تلك الجوادّ انتهت به إلى النار، ومن أخذ على الصراط انتهى به إلى الجنة، ثم قرأ ابن مسعود: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا} [الأنعام: ١٥٣] الآية.

وقال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: تعلموا العلم قبل أن يُقبَض، وقبضه أن يذهب أهله، ألا وإياكم والتنطع والتعمق والبدع، وعليكم بالعتيق. أخرجه الدارمي.

وقال مجاهد في قوله: {وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} وقال: البدع. قال ابن شهاب: وهذا كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} الآية [الأنعام: ١٥٩]، فالْهَرَب الْهَرَبَ، والنجاة النجاةَ، والتمسك بالطريق المستقيم، والسنن القويم، الذي سلكه السلف الصالح، وفيه المتجر الرابح. وعن أبي هريرة: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما أمرتكم به فخذوه، وما نهيتكم عنه فانتهوا". متّفق عليه.

وروى ابن ماجه وغيره عن العرباض بن سارية -رضي الله عنه- قال: وعظنا


(١) راجع: "مختصر الاعتصام" ص ٧١ - ٧٨.