للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ومثال ما تُرك لا بقصد القربة، ويكون عفوًا الامتناع عن أكل اللحم للتطبّب ونحوه، فإن كان الترك تديّنًا فهو باع.

وللاستزادة في هذا الموضوع راجع: "اقتضاء الصراط المستقيم"، و"مجموع الفتاوى" لابن تيميّة رحمه الله (١)؛ والله تعالي أعلم بالصواب؛ وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): في تقسيم البدعة إلى حقيقيّة، وإضافيّة: قال أبو إسحاق الشاطبيّ رحمه الله: البدعة الحقيقيّة هي التي لم يدلّ عليها دليلٌ شرعيّ، لا من كتابْ، ولا سنة، ولا إجماع، ولا استدلال معتبر عند أهل العلم، لا في الجملة، ولا في التفصيل، ولذلك سمّيت بدعةً؛ لأنها شيء مُخترع على غير مثال سابق.

والبدعة الإضافيّة هي التي لها شائبتان:

[إحداهما]: لها من الأدلّة مُتَعلّقٌ، فلا تكون من تلك الجهات بدعة.

[والأخرى]: ليس لها مُتعلَّقٌ إلا مثل ما للبدعة الحقيقيّة؛ أي: إنها بالنسبة إلى إحدى الجهتين سنة؛ لأنها مستندة إلى دليل، وبالنسبة إلى الجهة الأخرى بدعة؛ لأنها مستندة إلى شبهة لا إلى دليل، أو غير مستندة إلى شيء.

والفرق بينهما من جهة المعنى: أن الدليل عليها من جهة الأصل قائم، ومن جهة الكيفيّات، أو الأحوال، أو التفاصيل لم يقُم عليها، مع أنها محتاجة إليه؛ لأن الغالب وقوعها في التعبّديّات، لا في العاديات المحضة.

قال: قد يكون أصل العمل مشروعاً، ولكنه يصير جاربًا مجرى البدعة من باب الذرائع، وبيانه أن العمل يكون مندوباً إليه مثلًا، فيَعمَل العامل في خاصّة نفسه على وضعه الأول من الندبيّة، فلو اقتصر العامل على هذا المقدار لم يكن به بأس، ويجري مجراه إذا دام عليه في خاصيّته غير مظهر له دائمًا،


(١) "اقتضاء الصراط المستقيم" ١/ ٣٢٦ - ٣٢٧ و ٢/ ٦٣٠ و ٦٣٣ و ٦٣٧، "مجموع الفتاوى" ٢١/ ٣١٧ - ٣١٩ و ١٨/ ٣٤٦، "درء التعارض" ١/ ٢٤٤. وراجع: "حقيقة البدعة وأحكامها" تأليف سعيد بن ناصر الغامدي ١/ ٢٩١ - ٢٩٦.