كالعبادات المحضة، وهي حق خالصٌ لله سبحانه وتعالى، فلا بدّ من مطابقة فعل العبد لأمر الشرع) (١).
فالعبادة التي هي حق الله تعالى لا يُتصوّر فيها غير إرادة القربة، فالإحداث فيها يسمّى ابتداعًا، سواء قصد القربة، أو افتُرض أنه لم يقصدها، فلو أحيا ليلة النصف من شعبان بعبادة مخصوصة؛ كالصلاة والذكر فهو مبتدع، حتى مع افتراض عدم قصده للقربة.
ويتوجّه قصد القربة أيضًا إلى العمل الذي يَحمِل أوجهًا متعدّدة، مثل الأمور الدنيويّة، فيُنظر إلى الفعل باعتبار الوجه الغالب عليه، أو باعتبار وجه القربة إذا اتّحدت أوجه الفعل الواحد، فمن لبس ثوبًا بلون معيّن، ولم يُرد بذلك القربة فلا يوصف هذا العمل بالبدعة؛ لأنه مباح، إلا إذا لحقته أمور منهيّ عنها؛ كالإسبال والاشتهار، فإنه يكون معصيةً. أما إذا أراد بذلك الثوب المعيّن القربة فإنه يكون بدعة، كما يفعله بعض الصوفيّة من اشتراط لون معيّن لمريدهم.
والحاصل أن كلّ فعل، أو ترك قُصد به القربة، مما ليس له أصل في الشرع فهو بدعة.
فخرج بذلك ما فُعل أو تُرك لا بقصد القربة، فإنه يكون معصية، أو مخالفة، أو عفواً، ولا يُطلق عليه بدعة.
مثال ما فُعل لا بقصد القربة، ويكون معصية جميع المنهيات الشرعية؛ كالنظر إلى النساء، وسماع الغناء، فإذا كان هذا الفعل بقصد القربة فهو بدعة.
ومثال ما تُرك لا بقصد القربة ترك المأمور به شرعًا، كترك النكاح للقادر عليه، وكترك الدعوة إلى الله ممن وجبت عليه، فإذا كان هذا الترك بقصد القربة فهو بدعة.
ومثال ما فُعل لا بقصد القربة ويكون عفواً حلقُ الرأس في غير نسُك، فإن فُعل بقصد القربة فهو بدعة.