للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

القول ساعات الرواح؟ فقال ابن وهب: سألت مالكًا عن هذا؟ فقال: أما الذي يقع بقلبي، فإنه إنما أراد ساعة واحدة تكون فيها هذه الساعات، مَن راح من أول تلك الساعة، أو الثانية، أو الثالثة، أو الرابعة، أو الخامسة، أو السادسة، ولو لم يكن كذلك ما صُلِّيت الجمعة حتى يكون النهار تسع ساعات في وقت العصر، أو قريبًا من ذلك.

وكان ابن حبيب ينكر قول مالك هذا، ويميل إلى القول الأول، وقال: قول مالك هذا تحريف في تأويل الحديث، ومحال من وجوه، وقال: يدلك أنه لا يجوز ساعات في ساعة واحدة أن الشمس إنما تزول في الساعة السادسة من النهار، وهو وقت الأذان، وخروج الإمام إلى الخطبة، فدَلّ ذلك على أن الساعات في هذا الحديث هي ساعات النهار المعروفات، فبدأ بأول ساعات النهار، فقال: "من راح في الساعة الأولى، فكأنما قرَّب بدنةً"، ثم قال في الساعة الخامسة بيضةً، ثم انقطع التهجير، وحان وقت الأذان، فشرح الحديث بَيِّنٌ في لفظه، ولكنه حُرِّف عن موضعه، وشُرِح بالْخَلْف من القول، وما لا يكون، وزَهَّدَ شارحه الناس فيما رَغَّبهم فيه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من التهجير من أول النهار، وزَعَم أن ذلك كله إنما يجتمع في ساعة واحدة قرب زوال الشمس، قال: وقد جاءت الآثار بالتهجير إلى الجمعة في أول النهار، وقد سقنا ذلك في موضعه من كتاب "واضح السنن" بما فيه بيان وكفاية، هذا كله قول عبد الملك بن حبيب.

ثم رَدَّ عليه أبو عمر، وقال: هذا تحامل منه على مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فهو الذي قال القول الذي أنكره، وجعله خَلْفًا وتحريفًا من التأويل، والذي قاله مالك تشهد له الآثار الصحاح، من رواية الأئمة، ويشهد له أيضًا العمل بالمدينة عنده، وهذا مما يصح فيه الاحتجاج بالعمل؛ لأنه أمر يتردد كل جمعة، لا يخفى على عامة العلماء.

فمن الآثار التي يَحتَجّ بها مالك ما رواه الزهريّ، عن سعيد بن المسيِّب، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا كان يومُ الجمعة قام على كل باب من أبواب المسجد ملائكة، يكتبون الناس، الأول، فالأول، فالمهجِّر إلى الجمعة كالمهدي بدنةً، ثم الذي يليه كالمهدي بقرةً، ثم الذي يليه كالمهدي