للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): بيان الْحَضّ على الاغتسال يوم الجمعة، وفضله، وفضل التبكير إليها، وأن الفضل المذكور إنما يحصل من جمعهما، وعليه يُحْمَل ما أُطلق في باقي الروايات، من ترتب الفضل على التبكير من غير تقييد بالغسل.

٢ - (ومنها): بيان أن مراتب الناس في الفضل بحسب أعمالهم، وأن القليل من الصدقة غير محتقر في الشرع.

٣ - (ومنها): بيان أن التقرب بالإبل أفضل من التقرب بالبقر، وهو بالاتفاق في الهدي، واختُلِف في الضحايا، والجمهور على أنها كذلك.

وقال الزين ابن الْمُنَيِّر: فَرَّق مالك بين التقربين باختلاف المقصودين؛ لأن أصل مشروعية الأضحية التذكير بقصة الذبيح، وهو قد فُدِي بالغنم، والمقصود بالهدي التوسعة على المساكين، فناسب البدن.

٤ - (ومنها): أنه استُدِلَّ به على أن الجمعة تصح قبل الزوال، كما سيأتي نقل الخلاف فيه قريبًا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في الوقت الذي يُستحبّ فيه الرواح إلى الجمعة:

قد أجاد البحث في هذا الموضوع الإمام ابن القيّم -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فقال: وقد اختلف الفقهاء في هذه الساعة على قولين:

[أحدهما]: أنها من أول النهار، وهذا هو المعروف في مذهب الشافعيّ، وأحمد، وغيرهما.

[والثاني]: أنها أجزاء من الساعة السادسة بعد الزوال، وهذا هو المعروف في مذهب مالك، واختاره بعض الشافعية، واحتجوا عليه بحجتين:

إحداهما: أن الرواح لا يكون إلا بعد الزوال، وهو مقابل الغدوّ الذي لا يكون إلا قبل الزوال، قال تعالى: {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} [سبأ: ١٢]، قال الجوهريّ: ولا يكون إلا بعد الزوال.

الحجة الثانية: أن السلف كانوا أحرص شيء على الخير، ولم يكونوا يَغْدُون إلى الجمعة من وقت طلوع الشمس، وأنكر مالك التبكير إليها في أول النهار، وقال: لم نُدرك عليه أهل المدينة.