وقوله: (يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ") أي: الخطبة، جملة في محلّ نصب على الحال من "الملائكة"، والمراد بالملائكة هنا: غير الحفظة، وظيفتهم كتابة حاضري الجمعة، قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).
وقال في "الفتح": قوله: "فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر"، استَنْبَط منه الماورديّ أن التبكير لا يُستحب للإمام، قال: ويدخل للمسجد من أقرب أبوابه إلى المنبر، وما قاله غير ظاهر؛ لإمكان أن يُجْمَع الأمرين بأن يُبَكِّر، ولا يخرج من المكان المعدّ له في الجامع، إلا إذا حضر الوقت، أو يُحْمَل على من ليس له مكان مُعَدٌّ.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هكذا تعقّب في "الفتح" استنباط الماورديّ المذكور، وعندي أن ما استنبطه هو الظاهر، فلا معنى لتعقّبه، فتأمله، واللَّه تعالى أعلم.
وزاد في رواية الزهريّ، عن أبي عبد اللَّه الأغرّ الآتية: "فإذا جلس الإمام طَوَوُا الصُّحُف، وجاءوا يستمعون الذكر"، وكأن ابتداء طيّ الصحف عند ابتداء خروج الإمام، وانتهاءه بجلوسه على المنبر، وهو أول سماعهم للذكر.
والمراد بالذكر ما في الخطبة من المواعظ، وغيرها، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٤/ ١٩٦٤](٨٥٠)، و (البخاريّ) في "الجمعة" (٨٨١)، و (أبو داود) في "الطهارة" (٣٥١)، و (الترمذيّ) في "الصلاة" (٤٩٩)، و (النسائيّ) في "الجمعة" (١٣٨٨)، و (مالك) في "الموطأ" (١/ ١٠٥)، و (أحمد) في "مسنده" (٢/ ٤٦٠)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (١٩٠٩)، و (البغويّ) في "شرح السنّة" (١٠٦٣)، واللَّه تعالى أعلم.