للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا يدلّ على أنه سقط في الرواية الأولى ذكر بعض الردّات الثلاث، وقد جاءت مبيّنة في الرواية الثانية. انتهى (١).

والمعنى: لك بمقابلة كل رجعة رجعت إليّ، ورددتكها، بمعنى رجعتها إليه، فلم أُهَوِّن على أمتك من أول الأمر (مَسْأَلَةٌ تَسْأَلُنِيهَا) أي إجابة مسألة تسألنيها، وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه: مسألةٌ مجابةٌ قطعًا، وأما باقي الدعوات فمرجوَّة ليست قطعية الإجابة، وقد سبق بيان هذا الشرح في كتاب الإيمان. انتهى.

وقال الأبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: تقدّم في "كتاب الإيمان": حديث: "لكلّ نبيّ دعوة" أن معناه أن تلك الدعوة محقّقة الإجابة، وأن غيرها على الرجاء، وأن كونها محقّقة الإجابة لا يمنع من قبول غيرها، ومن قبول غيرها هذا الحديثُ؛ لأنه لو لم تكن الأولى والثانية هنا مقبولتين لم يكن لقوله: "فلك بكلّ ردّة مسألة" فائدةٌ، ولأن الدعوات ثلاث، فيتعيّن أن متعلّق الثانية غير متعلّق الأولى؛ لأنه لو اتّحد متعلّقهما كانتا دعوةً واحدة، فلم تكن الدعوات ثلاثًا، فمتعلّق الأولى الدعاء لمن وُجد من الأمة، ومتعلّق الثانية من سيوجد، وقيل: الأولى للمفرّطين في الطاعة، والثانية للمفرّطين في المعصية، والثالثة للجميع. انتهى (٢).

وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "تسألنيها" صفة مؤكّدة لـ "مسألةٌ"، كقوله تعالى: {وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: ٣٨]، أي مسألةٌ ينبغي لك أن تسألها، وأنك لا تَخِيب فيها. انتهى (٣).

قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: (فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأُمَّتِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأُمَّتِي) قالها مرّتين، قيل: الأولى لأهل الكبائر، والأخرى لأهل الصغائر، وقيل: بالعكس، وقيل: لَمّا انقسم المحتاج إلى المغفرة من أمته إلى مُفَرِّطٍ، ومُفْرِّطٍ استغفر -صلى اللَّه عليه وسلم- للمقتصد الْمُفَرِّطِ في الطاعة، وأخرى للظالم المفْرِطِ في المعصية، أو الأولى للخواصّ؛ لأن كلّ أحد لا يخلو عن تقصيبر مّا في حقّ اللَّه تعالى، كما قال


(١) "شرح مسلم" ٦/ ١٠٣.
(٢) "شرح الأبيّ" ٢/ ٤٣٢.
(٣) "الكاشف" ٥/ ١٦٩٦.