للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وفي رواية عند الطبريّ: "فوجدت في نفسي وسوسة الشيطان حتى احمرّ وجهي، فعَرَف ذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في وجهي، فضرب بيده في صدري، ثم قال: اللهم أخسئ الشيطان عنه. . . " الحديث (١).

وعند الطبري من وجه آخر، عن أُبَيّ -رضي اللَّه عنه- أن ذلك وقع بينه وبين ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-، وأن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كلاكما محسن"، قال أُبَيّ: فقلت: ما كلانا أحسن، ولا أجمل، قال: فضرب في صدري. . . الحديث.

وبيّنت الرواية الآتية للمصنّف بعد هذا من طريق مجاهد، عن ابن أبي ليلى، عن أبيّ -رضي اللَّه عنه- المكان الذي نَزَل فيه ذلك على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو أنه عليه السلام كان عند أَضَاة بني غِفَار، فأتاه جبريل، فقال: "إن اللَّه يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف. . . " الحديث.

وبيّن الطبريّ من هذه الطريق أن السورة المذكورة هي "سورة النحل" (٢).

(فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَا قَدْ غَشِيَنِي) أي اعتراني، وأصابني من وسوسة الشيطان، ونزغته (ضَرَبَ فِي صَدْرِي) قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ضربه -صلى اللَّه عليه وسلم- في صدره تثبيتًا له حين رآه قد غشيه ذلك الخاطر المذموم (فَفِضْتُ) بكسر الفاء، بعدها ضاد معجمة، من باب ضرب، قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فاض السيل يَفِيضُ فَيْضًا: كَثُرَ وسال من شَفَة الوادي، وأفاض بالألف لغةٌ، وفاض الإناءُ فَيْضًا: امتلأ، وأفاضه صاحبه: ملأه، وفاض الماء والدم: قَطَرَا، وفاض كلُّ سائل: جَرَى، وفاض الخيرُ: كَثُرَ، وأفاضه اللَّه: كَثَّرَهُ. انتهى (٣).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ويقال: فِضْتُ عَرَقًا، وفِصْتُ بالضاد المعجمة، والصاد المهملة، قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وروايتنا هنا بالمعجمة، قال النوويّ: وكذا هو في معظم أصول بلادنا، وفي بعضها بالمهملة. انتهى (٤).

وقوله: (عَرَقًا) بالتحريك، قال في "القاموس": الْعَرَق: محرّكةً: رَشْحُ جِلْد الحيوان، ويُستعار لغيره. انتهى (٥).


(١) "تفسير الطبري" ١/ ١٨.
(٢) راجع: "الفتح" ٨/ ٦٣٩.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٤٨٥.
(٤) "شرح النووي" ٦/ ١٠٢.
(٥) "القاموس المحيط" ٣/ ٢٦٢.