القرآن على حرف، فقال ميكائيل: استزده"، ولأحمد من حديث أبي بكرة نحوه.
(فَيَزِيدُنِي) أي ويسأل جبريل عليه السلام ربّه في الزيادة (حَتَّى انْتَهَى) أي بلغ طلبه من الزيادة (إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ) أي أوجه يجوز أن يُقرأ بكلّ وجه منها، كما تقدّم بيان ذلك، وتحقيقه قريبًا.
وقال في "الفتح": قوله: "فلم أزل أستزيده، ويزيدني" في حديث أُبَيّ: "ثم أتاه الثانية، فقال: على حرفين، ثم أتاه الثالثة، فقال: على ثلاثة أحرف، ثم جاءه الرابعة، فقال: إن اللَّه يأمرك أن تُقرئ أمتك على سبعة أحرف، فأَيُّما حرف قرؤوا عليه، فقد أصابوا".
وفي رواية للطبريّ: "على سبعة أحرف من سبعة أبواب من الجنة"، وفي أخرى له: "من قرأ حرفًا منها فهو كما قرأ".
وفي رواية أبي داود: "ثم قال: ليس منها إلا شافٍ كافٍ، إن قلت سميعًا عليمًا عزيزًا حكيمًا، ما لم تختم آية عذاب برحمة، أو آية رحمة بعذاب".
وللترمذيّ من وجه آخر أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يا جبريل إني بُعِثتُ إلى أمة أميين، منهم العجوز، والشيخ الكبير، والغلام، والجارية، والرجل الذي لم يقرأ كتابًا قط. . . " الحديث.
وفي حديث أبي بكرة -رضي اللَّه عنه- عند أحمد: "كلها كافٍ شافٍ، كقولك: هَلُمَّ، وتَعَالَ، ما لم تختم. . . " الحديث.
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهذه الأحاديث تُقَوِّي أن المراد بالأحرف اللغات، أو القراءات، أي أُنزل القرآن على سبع لغات، أو قراءات، والأحرف جمع حرف، مثل فَلْس وأَفْلُس، فعلى الأول يكون المعنى على سبعة أوجه من اللغات؛ لأن أحد معاني الحرف في اللغة الوجه، كقوله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ}، وعلى الثاني يكون المراد من إطلاق الحرف على الكلمة مجازًا؛ لكونه بعضها. انتهى (١)، وقد تقدّم البحث في هذا مستوفًى قريبًا، فلا تنس نصيبك، واللَّه تعالى وليّ التوفيق.
(١) "الفتح" ٨/ ٦٤٠ "كتاب فضائل القرآن" رقم (٤٩٩٢).