(قَالَ ابْنُ شِهَابٍ) الزهريُّ راوي الحديث عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه (بَلَغَنِي) هذا صريح في أن الزهريّ أخذه من غيره، وأن الذي وقع في رواية أحمد، والبيهقيّ من نسبة هذا الكلام إلى الزهريّ نفسِهِ، حيث وقع عقب الحديث: قال الزهريّ: وإنما هذه الأحرف. . . إلخ فيه اختصار من بعض الرواة، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.
(أَنَّ تِلْكَ السَّبْعَةَ الْأَحْرُفَ) بالنصب على البدل (إِنَّمَا هِيَ فِي الْأَمْرِ الَّذِي يَكُونُ وَاحِدًا، لَا يَخْتَلِفُ فِي حَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ) قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه أن ذلك الاختلاف يرجع إلى معنى واحد، وإن اختلف اللفظ من هيئته إلى سبعة أنحاء، وأما إذا اختلف اللفظ بحسب الاختلاف في الأداء إلى أن يصير المنفيّ مثبتًا، والمثبت منفيًّا، والحرام حلالًا، والحلال حرامًا مثلًا، فلا يجوز ذلك؛ لقوله تعالى:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}[النساء: ٨٢]. انتهى (١)، أي وهذا لَمّا كان من عند اللَّه تعالى لم يجدوا فيه اختلافًا يسيرًا، وكأن ابن شهاب -رَحِمَهُ اللَّهُ- قصد بذلك ردّ ما سبق في شرح حديث عمر -رضي اللَّه عنه- من قول طائفة في بيان معنى الحديث: إن المراد بالأحرف السبعة أن القرآن أُنزل على سبعة أصناف من الكلام، وقد تقدّم تمام البحث فيه في المسألة الرابعة، فراجعه تستفد، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٤٩/ ١٩٠٢ و ١٩٠٣](٨١٩)، و (البخاريّ) في "بدء الخلق"(٣٢١٩) و"فضائل القرآن"(٤٩٩١)، و (أحمد) في "مسنده"(١/ ٢٦٣ و ٢٩٩ و ٣١٣)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٣٨٤٥ و ٣٨٤٦ و ٣٨٤٧)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(١٨٥٤)، وفوائده تقدّمت قريبًا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.