للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قال أبو شامة -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقد اختَلَف الناس في الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، هل هي مجموعة في المصحف الذي بأيدي الناس اليوم، أو ليس فيه إلا حرف واحد منها؟ مال الباقلاني إلى الأول، وصَرَّح الطبريّ وجماعة بالثاني، وهو المعتمد.

وقد أخرج ابن أبي داود في "المصاحف" عن أبي الطاهر بن السرح، قال: سألت ابن عيينة عن اختلاف قراءة المدنيين، والعراقيين، هل هي الأحرف السبعة؟، قال: لا، وإنما الأحرف السبعة مثل "هَلُمَّ"، و"تعالَ"، و"أقبل"، أيّ ذلك قلت أجزأك، قال: وقال لي ابن وهب مثله.

والحقّ أن الذي جُمِعَ في المصحف هو المتفق على إنزاله المقطوع به المكتوب بأمر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفيه بعض ما اختُلِف فيه من الأحرف السبعة، لا جميعها، كما وقع في المصحف المكي {تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ} [التوبة: ١٠٠] في آخر براءة، وفي غيره بحذف "من"، وكذا وقع من اختلاف مصاحف الأمصار من عدة واوات ثابتة في بعضها دون بعض، وعدة هاآت، وعدة لامات، ونحو ذلك، وهو محمول على أنه نزل بالأمرين معًا، وأمر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بكتابته لشخصين، أو أعلم بذلك شخصًا واحدًا، وأمره بإثباتهما على الوجهين، وما عدا ذلك من القراءة مما لا يوافق الرسم، فهو مما كانت القراءة جُوّزت به توسعةً على الناس وتسهيلًا؛ فلما آل الحال إلى ما وقع من الاختلاف في زمن عثمان، وكَفَّر بعضهم بعضًا اختاروا الاقتصار على اللفظ المأذون في كتابته، وتركوا الباقي.

قال الطبريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وصار ما اتَّفَقَ عليه الصحابة من الاقتصار، كمن اقتصر مما خُيِّر فيه على خصلة واحدة؛ لأن أمرهم بالقراءة على الأوجه المذكورة لم يكن على سبيل الإيجاب، بل على سبيل الرخصة.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ويدل عليه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث الباب: "فاقرؤوا ما تيسر منه".

وقد قرر الطبريّ ذلك تقريرًا أطنب فيه، ووَهَّى من قال بخلافه، ووافقه على ذلك جماعة، منهم أبو العباس بن عمار في "شرح الهداية"، وقال: أصح