في بعض طرقه، "زاجرًا، وآمرًا". . . إلخ بالنصب، أي نزل على هذه الصفة من الأبواب السبعة.
وقال أبو شامة: يحتمل أن يكون التفسير المذكور للأبواب، لا للأحرف، أي هي سبعة أبواب من أبواب الكلام وأقسامه، وأنزله اللَّه على هذه الأصناف، لم يقتصر منها على صنف واحد كغيره من الكتب.
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ومما يوضح أن قوله: "زاجر، وآمر". . . إلخ ليس تفسيرًا للأحرف السبعة ما وقع في مسلم من طريق يونس، عن ابن شهاب عقب حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، قال ابن شهاب: بلغني أن تلك الأحرف السبعة إنما هي في الأمر الذي يكون واحدًا، لا يختلف في حلال، ولا حرام. انتهى كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ببعض تصرف (١).
قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: قد تَلَخّص مما تقدم مما ساقه الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- من كلام هؤلاء الأئمة الأعلام -رحمهم اللَّه تعالى- أن الراجح هو قول من قال: إن المراد بالأحرف السبعة في حديث الباب هي أوجه القراءة التي تُؤَدَّى بها المعاني المتفقة بألفاظ مختلفة، وقد يكون ذلك في لغة واحدة، كما وقع لعمر وهشام بن حكيم -رضي اللَّه عنهما-، فإنهما قرشيان.
وأما بقية الأقوال فلا تخلو من ضعف، وأضعفها قول من قال: إنه من المتشابه الذي لا يُعْرَف معناه، كما اختاره السيوطيّ في شرح النسائيّ، فإنه من المحال أن يكون القرآن أُنزل على سبعة أحرف، ويؤمر الناس أن يقرؤوه على تلك الأحرف، ولا يدرون ما هي الأحرف؟ هذا من أغرب المحال، وأما تفسير من فسّره بالقراءة السبعة المشهورة فكونه غلطًا أظهر من أن يُشْهَر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم هل الأحرف السبعة المذكورة في الحديث مجموعة في المصحف الموجود اليومَ، أم لا؟:
قد جمع الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "فتحه" أقوال أهل العلم في هذه المسألة، واستوفاها، مُلَخَّصةً، فأحببت إيرادها هنا لغزارة فوائدها، وكثرة عوائدها: