ما عليه الحذاق أن الذي يقرأ الآن بعض الحروف السبعة المأذون في قراءتها، لا كلها.
وضابطه: ما وافق رسم المصحف، فأما ما خالفه، مثل "أن تبتغوا فضلًا من ربكم في مواسم الحج"، ومثل "إذا جاء فتح اللَّه والنصر"، فهو من تلك القراءات التي تُرِكت، إن صح السند بها، ولا يكفي صحة سندها في إثبات كونها قرآنًا، ولا سيما والكثير منها مما يَحْتَمِل أن يكون من التأويل الذي قرن إلى التنزيل، فصار يظن أنه منه.
وقال البغويُّ في "شرح السنة": المصحف الذي استقرّ عليه الأمر هو آخر العرضات على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأمر عثمان بنسخه في المصاحف، وجَمَعَ الناس عليه، وأذهَبَ ما سوى ذلك قطعًا لمادة الخلاف، فصار ما يخالف خط المصحف في حكم المنسوخ والمرفوع، كسائر ما نُسِخ ورُفِع، فليس لأحد أن يعدو في اللفظ إلى ما هو خارج عن الرسم.
وقال أبو شامة -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ظَنّ قوم أن القراءات السبع الموجودة الآن هي التي أريدت في الحديث، وهو خلاف إجماع أهل العلم قاطبة، وإنما يَظُنّ ذلك بعض أهل الجهل.
وقال ابن عمار أيضًا: لقد فعل مسبِّعُ هذه السبعة ما لا ينبغي له، وأشكل الأمر على العامة بإيهامه كل من قلَّ نظره أن هذه القراءات هي المذكورة في الخبر، وليته إذ اقتصر نقص عن السبعة، أو زاد ليزيل الشبهة، ووقع له أيضًا في اقتصاره عن كل إمام على راويين أنه صار من سمع قراءة راوٍ ثالثٍ غيرهما أبطلها، وقد تكون هي أشهر، وأصح، وأظهر، وربما بالغ من لا يفهم، فخطأ، أو كفر.
وقال أبو بكر ابن العربيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ليست هذه السبعة متعينة للجواز، حتى لا يجوز غيرها، كقراءة أبي جعفر، وشيبة، والأعمش، ونحوهم، فإن هؤلاء مثلهم، أو فوقهم.
وكذا قال غير واحد: منهم مكي بن أبي طالب، وأبو العلاء الهمداني، وغيرهم من أئمة القراء.
وقال أبو حيان: ليس في كتاب ابن مجاهد، ومن تبعه من القراءات