للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(ثُمَّ) بعد صلاته، وفراغه من ورده (إِنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى أَهْلِهِ) أرادت مباشرة زوجته (قَضَى حَاجَتَهُ) أي: فعل ذلك، وفي رواية النسائيّ: "فإذا كان له حاجة ألمّ بأهله"؛ أي: قَرُبَ من زوجته، وهو كناية عن الجماع.

و"ثُمّ" على بابها كما تقدّمت الإشارة إليه، فيؤخذ منه أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقدّم التهجّد، ثمَّ يقضي؛ أي: بعد إحياء الليل حاجته من نسائه، فإن الجدير به أداء العبادة قبل قضاء الشهوة.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هكذا قيل، وفيه نظرٌ، فتأمل.

وقيل: يمكن أن "ثُمَّ" هنا لتراخي الإخبار، أخبرت أوّلًا أن عادته -صلى اللَّه عليه وسلم- كانت مستمرّة بنوم أوّل الليل، وإحياء آخره، ثمَّ إن اتّفق له احتياج إلى أهله يقضي حاجته، ثمَّ ينام في كلتا الحالتين.

وقال ابن حجر الهيتميُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وتأخير الوطء إلى آخر الليل أولى؛ لأنَّ أول الليل قد يكون ممتلئًا، والجماع على الامتلاء مُضرّ بالإجماع. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قوله: "بالإجماع" محلّ نظر، فليُتأمل، واللَّه تعالى أعلم.

(ثُمَّ يَنَامُ) أي: السدس الأخير؛ ليستريح من تعب التهجّد، قال القرطبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يُفهم من هذا جواز نوم الجنب من غير أن يتوضّأ، فإنها لم تذكر وضوءًا عند النوم، وذكرت أنه إن لم يكن جنبًا توضّأ وضوء الصلاة، وتقدّم هذا. انتهى (٢).

(فَإِذَا كَانَ عِنْدَ النِّدَاءِ الْأَوَّلِ) الظاهر أنها أرادت الأذان الذي يؤذَّن قبل الفجر الذي ذُكر في حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-، مرفوعًا: "لا يمنعنّ أحدكم أذان بلال من سُحُوره، فإنه يؤذن بليلٍ؛ لِيَرْجِع قائمكم، وينبه نائمكم. . ." الحديث، متّفقٌ عليه.

ويَحْتَمِل أنها أرادت الأذان المتعارفَ عليه الذي يؤذّن عند تبيّن الصبح، واحترزت به عن الإقامة، واللَّه تعالى أعلم.

(قَالَتْ: وَثَبَ) بواو، ثمَّ ثاء مثلّثة، فموحّدة مفتوحات، من باب وَعَدَ،


(١) راجع: "المرعاة" ٤/ ٢٢٤.
(٢) "المفهم" ٢/ ٣٧٥.