للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَثْبًا وَوُثُوبًا أيضًا، ووَثِيبًا، ووَثَبانًا بفتح الثاء: أي: طَفَرَ (١)، قاله في "المختار" (٢)، وقال النوويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أي: قام بسرعة (٣).

(وَلَا) نافية (وَاللَّهِ مَا) نافية مؤكّدة لـ "لا"، فُصل بينهما بالقسم، نظير قوله -عزَّ وجلَّ-: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ} الآية [النساء: ٦٥] (قَالَتْ: قَامَ، فَأَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ) أي: أساله، وصبّه على جميع جسده الشريف -صلى اللَّه عليه وسلم- (وَلَا وَاللَّهِ، مَا) مؤكّدة لـ "لا" أيضًا (قَالَتِ: اغْتَسَلَ، وَأَنَا أَعْلَمُ مَا تُرِيدُ) أراد بهذا أنه ذكر اللفظ الذي قالته عائشة -رضي اللَّه عنها-، وهو: "فأفاض عليه الماء"، ولم تذكر لفظ: "اغتسل"، وهو يعلم أنها تريد بـ "أفاض" معنى اغتسل، وهذا بيان لمحافظته على أداء ما سمعه كما سمعه، ولم يؤدّه بمعناه، كما صنع غيره، فقد أخرج الحديث البخاريّ، ولفظه: "فإذا أذّن المؤذّن وثب، فإن كانت به حاجة اغتَسَل، وإلا توضّأ، وخرج".

قال في "الفتح": وقوله: "فإن كانت به حاجةٌ اغتسل" يعْكُرُ عليه ما في مسلم: "أفاض عليه الماء، وما قالت: اغتَسَلَ"، ويُجاب بأن بعض الرواة ذكره بالمعنى، وحافظ بعضهم على اللفظ. انتهى (٤).

وقال في "المرعاة": قولها: "إن كانت به حاجة" أي: أثر حاجة، أو المراد بالحاجة هي الجنابة؛ لكونها أثرًا لها، أو المراد حاجة الاغتسال بقرينة قولها: "اغتسل، وإلا توضّأ وخرج" (٥).

وفي رواية النسائيّ: "فإذا سمع الأذان وَثَبَ، فإن كان جنبًا أفاض عليه من الماء، وإلا توضّأ، ثمَّ خرج إلى الصلاة".

قال في "الفتح": قال الإسماعيليُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا الحديث يَغْلَط في معناه الأسود، والأخبار الجياد فيها: "كان إذا أراد أن ينام، وهو جنب توضأ".

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لم يُرِد الإسماعيليّ بهذا أن حديث الباب غَلَطٌ، وإنما أشار إلى أن أبا إسحاق حَدَّث به عن الأسود بلفظ آخر، غَلِطَ فيه، والذي


(١) من باب جلس: أي وثَبَ.
(٢) "مختار الصحاح" (ص ٣١٩).
(٣) "شرح النوويّ" ٦/ ٢٢.
(٤) "الفتح" ٣/ ٣٩ - ٤٠.
(٥) "المرعاة" ٤/ ٢٢٥.