للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: قوله: لم يُصَلِّ العيد في المسجد، ولا نُقِل عنه ذلك، هو كما قال، وأما ما رواه أبو داود، وابن ماجه من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، أنه أصابهم مطر يومًا، فصلى بهم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- العيد في المسجد، فضعيف؛ لأن في سنده عيسى بن عبد الأعلى بن عبد اللَّه بن أبي فَرْوة مجهول.

وقوله: فإن لم يوجد ذلك فالاتباع أولى؛ أي: إن لم توجد القرائن الدالة على ما ذكره، فالاتباع بترك الركعتين في الصحراء، وفعلهما في المسجد له، لا للعيد، هو الأولى.

قال العلامة الصنعانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهذا هو المنهج الواضح، وصلاته في المسجد لأجله، لا للعيد، وتركها في الصحراء، أعني ترك صلاة التحية في مصلى الصحراء، لا للمنع عن الصلاة، فإن الترك لا ظاهر له يقتضي المنع عن الصلاة مطلقًا، ولا يوجد منه ما يعارض حديث: "الصلاة خير موضوع".

والعجب من ذكر هذا الخلاف في تحية المسجد، والصحراءُ ليست من المساجد، وهذا بناءٌ على أن الصحراء غير مُسَبَّلَة، وإلا فهي مسجد.

نعم يؤخذ من ترك الصلاة قبل صلاة العيد استحباب تعجيلها، وعدم الاشتغال بغيرها من النوافل، ولمثل هذا أُخّرت الخطبة. انتهى (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الحادية عشرة): قال الإمام النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لو تكرر دخوله في المسجد في الساعة الواحدة مرارًا، قال صاحب "التَّتِمّة": تستحب التحية لكل مرة، وقال المحاملي في "اللباب": أرجو أن تجزئه التحية مرة واحدة، والأول أقوى، وأقرب إلى ظاهر الحديث. انتهى (٢).

وقال ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: من أكثر تردده إلى المسجد، وتكرر، هل يؤمر بتكرار الركعتين؟ قال بعضهم: لا، وقاسه على الحَطَّابين، والفَكَّاهين المترددين إلى مكة في سقوط الإحرام عنهم، إذا تكرر ترددهم. والحديث يقتضي التكرر بتكرر الدخول.


(١) "الفتح" ٢/ ٤٧٥.
(٢) "المجموع" ٤/ ٥٢.