للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واختلفوا فيمن سافر في معصية اللَّه، ففي قول للشافعي، وأحمد: عليه أن يُتمّ، وليس له أن يقصر ما دام في سفره، قال الشافعي: وذلك في مثل أن يخرج باغيًا على مسلم، أو معاهد، أو يقطع طريقًا، أو بما في هذا المعنى، قال: ولا يمسح على الخفين، ولا يجمع الصلاة، ولا يصلي نافلة إلى غير القبلة، مسافرًا في معصية.

وكان الأوزاعي يقول في الرجل يخرج في بعثة إلى بعض المسلمين: يقصر الصلاة، ويفطر في شهر رمضان في مسيره، وافق ذلك طاعة، أو معصية.

وحكي عن النعمان أنه قال: المسافر يقصر في حلال خرج، أو في حرام. انتهى كلام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

وقال العلامة صديق حسن القنّوجيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والظاهر من الأدلة في القصر والإفطار عدم الفرق بين من سفره في طاعة، ومن سفره في معصية، لا سيما القصر؛ لأن صلاة المسافر شرعها اللَّه كذلك، فكما شرع للمقيم صلاة التمام من غير فرق بين من كان مطيعًا، ومن كان عاصيًا بلا خلاف، كذلك شرع للمسافر ركعتين من غير فرق، وأدلة القصر متناولة للعاصي تناولًا زائدًا على تناول أدلة الإفطار له؛ لأن القصر عزيمة، وهي لم تشرع للمطيع دون العاصي، بل مشروعة لهما جميعًا بخلاف الإفطار، فإنه رخصة للمسافر، والرخصة تكون لهذا دون هذا في الأصل، وإن كانت هنا عامّةً، وإنما المراد بطلان القياس. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: الأرجح عندي قول من قال بمشروعية القصر لكل مسافر، مطيعًا كان، أو عاصيًا؛ لعموم الأدلة، كما استظهره القنوجيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

ثم رأيت شيخ الإسلام ابن تيميّة قد أجاد في تحقيق هذه المسألة، وأفاد، ودونك نصّه:

قال -رَحِمَهُ اللَّهُ- بعد ذكر الاختلافات: والحجة مع من جعل القصر والفطر


(١) "الأوسط" ٤/ ٣٤٣ - ٣٤٦.
(٢) "الروضة النديّة" ١/ ١٥٠.