للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(التنبيه الثاني): مقدار الميل بالتحديد المعاصر (كيلو متر ونصف كيلو متر) فيكون الفرسخ ثمانية عشر كيلو مترًا، وعليه فتكون مسافة القصر أربعًا وخمسين كيلو مترًا تقريبًا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): في اختلاف العلماء في السفر الذي يبيح القصر:

قال الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أجمع أهل العلم، لا اختلاف بينهم على أن لمن سافر سفرًا يُقصَر في مثله الصلاة، وكان سفره في حج، أو عمرة، أو غزو أن له أن يقصر الصلاة ما دام مسافرًا.

واختلفوا فيمن خرج لمباح التجارة، أو مطالعة مال له، أو أبيح له الخروج إليه، فقال أكثر مَن نَحْفَظ عنه من علماء الأمصار: له إذا خرج إلى ما أبيح له أن يقصر الصلاة، هذا قول الأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وهو مذهب أهل المدينة، وأهل الكوفة، وعوامّ أهل العلم من علماء الأمصار.

وفيه قول ثان، قال عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه-: لا يقصر إلا في حج، أو جهاد، وروينا عن عمران بن حصين -رضي اللَّه عنهما- قال: إنما يقصر الصلاة من كان شاخصًا (١)، أو يحضره العدو.

ثم أخرج ابن المنذر بسنده عن أبي المهلَّب، أن عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه- كتب: إنه بلغني أن رجالًا يخرجون إما لجباية، وإما لتجارة، وإما لحشر (٢)، ثم لا يُتمون الصلاة، فلا تفعلوا ذلك، فإنما يقصر الصلاة من كان شاخصًا، أو يحضره عدوّ.

وقال عطاء: أرى أن لا تقصر الصلاة إلا في سبيل من سُبُل الخير، من أجل أن إمام المتقين لم يقصر الصلاة إلا في سبيل من سُبُل الخير، حج، أو عمرة، أو غزو، والأئمة بعده أيهم كان يضرب في الأرض يبتغي الدنيا؟ وقد كان قبلُ لا يقول بهذا القول، يقول: يقصر في كل ذلك.


(١) كتب في هامش البيهقيّ: يعني رسولًا في حاجة.
(٢) الحشر هم القوم الذين يخرجون بدوابّهم إلى المرعى، قاله البيهقيّ. "السنن الكبرى" ٣/ ١٣٧.