للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أميال، والميل من الأرض منتهى مَدّ البصر؛ لأن البصر يميل عنه على وجه الأرض حتى يَفْنَى إدراكه، وبذلك جزم الجوهريّ، وقيل: حده أن ينظر إلى شخص في أرض مسطحة، فلا يدري أهو رجل، أو امرأة، أو ذاهب، أو آت.

وقال النووي: الميل ستة آلاف ذراع، والذراع أربعة وعشرون إصبعًا معترضة معتدلة، والإصبع ست شَعيرات معترضة معتدلة. انتهى.

وهذا الذي قاله هو الأشهر، ومنهم من عبّر عن ذلك باثني عشر ألف قَدَم بقدم الإنسان، وقيل: هو أربعة آلاف ذراع، وقيل: بل ثلاثة آلاف ذراع، نقله صاحب "البيان"، وقيل: خمسمائة، صححه ابن عبد البرّ، وقيل: ألفا ذراع، ومنهم من عبّر عن ذلك بألف خطوة للجَمَل.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ثم إن الذراع الذي ذكر النووي تحديده قد حرّره غيره بذراع الحديد المستعمل الآن في مصر والحجاز في هذه الأعصار، فوجده ينقص عن ذراع الحديد بقدر الثُّمُن، فعلى هذا فالميل بذراع الحديد على القول المشهور خمسة آلاف ذراع ومائتان وخمسون ذراعًا، وهذه فائدة نفيسة قلّ من نبّه عليها. انتهى (١).

وقد نظم بعضهم معنى الميل، والفرسخ، والبريد، بقوله [من الكامل]:

إِنَّ الْبَرِيدَ مِنَ الْفَرَاسِخِ أَرْبَعٌ … وَلفَرْسَخٍ فَثَلَاثَ أَمْيَالٍ ضَعُوا

وَالْمِيلُ أَلْفٌ أَيْ مِنَ الْبَاعَاتِ قُلْ … وَالْبَاعُ أَرْبَعُ أَذْرُعٍ فَتَتَبَّعُوا

ثُمَّ الذِّرَاعُ مِنَ الأَصَابِعِ أَرْبَعٌ … مِنْ بَعْدِهَا الْعِشْرُونَ ثُمَّ الإِصْبَعُ

سِتٌّ شَعِيرَاتٌ فَظَهْرُ شَعِيرَةٍ … مِنْهَا إِلَى بَطْنِ لأُخْرَى تُوضَعُ

ثُمَّ الشَّعِيرَةُ سِتُّ شَعْرَاتٍ فَقَطْ … مِنْ ذَيْلِ بَغْلٍ لَيْسَ عَنْ ذَا مَرْجَعُ (٢)

واختُلِف في معنى الفَرْسخ، فقيل: هو السكون، ذكره ابن سِيدَهْ، وقيل: السَّعَةُ، وقيل: المكانُ الذي لا فُرْجة فيه، وقيل: الشيء الطويل، ذكره في "الفتح" (٣).


(١) "الفتح" ٣/ ٢٧٦.
(٢) "حاشية الطحطاويّ على مراقي الفلاح" (ص ١١٤).
(٣) "الفتح" ٣/ ١٧٦ - ١٧٧.