للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يقصر في اليوم التامّ، وخرج إلى أرض اشتراها من ابن بجينة (١)، فقصر الصلاة إليها، وهي ثلاثون ميلًا، وقال الزهريّ: يقصر في مسيرة يوم تامّ، ثلاثون ميلًا، وثابت عن ابن عباس أنه قال: يقصر في اليوم، ولا يقصر فيما دون اليوم.

وقالت طائفة: من سافر ثلاثًا قصر، رَوَينا هذا القول عن ابن مسعود، وسعيد بن جبير، والنخعي، وسُويد بن غَفَلَة، وبه قال الثوريّ، والنعمان، ومحمد بن الحسن، قال النعمان: ثلاثة أيام ولياليها بسير الإبل، ومشي الأقدام.

وفيه قول خامس: رَوَينا عن علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- أنه خرج إلى النُّمَيلة (٢)، فصلى بهم الظهر ركعتين، ثم رجع من يومه، فقال: أردت أن أعلمكم سنة نبيكم -صلى اللَّه عليه وسلم-.

ورَوَينا عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-، أنه قال: إني لأسافر الساعة من النهار، فأَقصُر، وقال عمرو بن دينار: قال لي جابر بن زيد: اقصُرْ بعرفة.

قال ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أما قول جابر هذا، فأحسبه مثل قول مَن قال لأهل مكة: اقصروا الصلاة بمنى وعرفة.

وعن الأوزاعي، قال: كان أنس بن مالك يقصر الصلاة فيما بينه وبين خمسة فراسخ، وذلك خمسة عشر ميلًا.

قال الأوزاعي: وعامة العلماء يقولون: مسيرة يوم تامّ، وبهذا نأخذ. انتهى كلام ابن المنذر باختصار (٣).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: لَمّا لم يوجد نصٌّ قاطع في تحديد مسافة القصر، حتى يُرجَع إليها، وكانت أقوال الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، فمن بعدهم مضطربة في هذا الباب، حتى تكون المسألة إجماعية، لزم الرجوع إلى مَعْنَى السفر


(١) هكذا نسخة "الأوسط" بالجيم، وليُنظر.
(٢) "النُّمَيلة": قرية لبني قيس بن ثعلبة، رهط الأعشى باليمامة، قاله في "معجم البلدان" ٥/ ٣٠٦.
(٣) "الأوسط" ٤/ ٣٤٦ - ٣٥١.