للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

حمل أخباره -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا صحت عنه على التناقض عند أهل الإسلام؛ لأنه لا يجوز فيها النسخ.

قال: فإن قال قائل: إن في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من يكلأ لنا الصبح" دليلًا على أن عادته النوم.

قيل له: لم تُمْعِن النظر، ولو أمعنته لعلمت أن المعنى: مَنْ يَرْقُب لنا انفجار الصبح، فيُشْعِرنا به في أول طلوعه؛ لأن مَن نامت عيناه لم ير هذا في أوله، ونوم العين يمنع من مثل هذا، لا نوم القلب، وكان شأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- التغليسَ بالصبح، وكان بلال من أعلم الناس بذلك، فلذلك أمره بمراقبة الفجر، لا أن عادته -صلى اللَّه عليه وسلم- كانت النوم المعروف من سائر الناس. انتهى.

١٤ - (ومنها): أن فيه تخصيصَ قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رُفِع القلم عن النائم حتى يستيقظ"، وبيان ذلك أن رفع القلم عنه ها هنا من جهة رفع المأثم، لا من جهة رفع الفرض عنه، وأن ذلك ليس من باب قوله: "وعن الصبيّ حتى يحتلم"، وإن كان ذلك جاء في أثر واحد، فقِفْ على هذا الأصل (١).

١٥ - (ومنها): أن في فزع الصحابة -رضي اللَّه عنهم- حين انتبهوا لِمَا فاتهم من صلاتهم أوضحَ دليل على ما كان عليه القوم من الْوَجَل والإشفاق، والخوف لربّهم -رضي اللَّه عنهم-.

١٦ - (ومنها): أن في قول بلال -رضي اللَّه عنه-: "أَخَذَ بنفسي الذي أخذ بنفسك"، أي إذا كنت أنت في منزلتك من اللَّه قد غلبتك عينُك، وقُبِضت نفسك، فأنا أحرى بذلك، دليلٌ على طَلَب الحجةِ، والإدلاء بها.

١٧ - (ومنها): أن قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من نسي صلاةً، أو نام عنها، فليصلها إذا ذكرها"، دليل على أن من تذكّر صلاة، أو انتبه من نومه يصلي صلاته التي تذكّرها أو انتبه إليها في أيّ وقت كان، على ظاهر الحديث، وقد اختلف العلماء في ذلك، وسيأتي تحقيقه قريبًا -إن شاء اللَّه تعالى-.

١٨ - (ومنها): أن في قوله: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: ١٤] دليلًا من يقول: شريعةُ من قبلنا شرع لنا ما لم يَرِد في شرعنا خلافه، قال القاضي


(١) "التمهيد" ٦/ ٣٩٦ - ٣٩٧.