للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه أن شرع من قبلنا شرعٌ لنا؛ لأن الحكم أُخذ من الآية، وهي إنما خُوطب بها موسى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-.

وتعقّبه الأبيّ، فقال: ليس فيه ذلك؛ لأن ذلك إنما يكون في احتجاج غير المشرِّع به، أما المشرِّع فاحتجاجه به إدخال له في شريعته. انتهى (١).

وتعقّب السنوسيّ الأبيّ، فقال: الحجة في جعله مُستندًا، فلو لم يكن شرعُ من قبلنا شرعًا لنا لم يكن لذكره فائدةٌ، بل بطرق جعله مستندًا، ودعوى أنه لم يجعله مستندًا خلاف الظاهر. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد أجاد السنوسيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في هذا التعقّب، فالحقّ أن شرع من قبلنا شرعٌ لنا ما لم يرد خلافه في شرعنا، وقد حقّقت المسألة في "التحفة المرضيّة" وشرحها في الأصول، فراجعه تستفد، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرإبعة): في اختلاف أهل العلم في قضاء الفائتة في أوقات النهي:

قال الإمام أبو بكر بن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختلفوا فيمن نسي الصلاة فذكرها في الأوقات التي نُهي عن الصلاة فيها، فقالت طائفة: لا تقضى الفوائت في الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، وروي ذلك عن أبي بكرة، وكعب -قال ابن المنذر: أحسبه ابن عجرة -رضي اللَّه عنهما-.

وقد احتجّ بعضهم لهذا القول بالأخبار التي رويناها عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في نهيه عن الصلاة في الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، وبأن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لما استيقظ عند طلوع الشمس أخّر الصلاة حتى ترتفع الشمس، ثم صلاها.

وقال آخرون: يقضي في تلك الأوقات الواجب من الصلاة، والنهيُ للتطوع فقط؛ لقول النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر".

ولقوله: "لا يتحرى أحدكم، فيصلي عند طلوع الشمس، وعند غروبها"،


(١) "شرح الأبيّ" ٢/ ٣٣٩.
(٢) "شرح السنوسيّ" ٢/ ٣٣٩.